أثارت حادثة الضرب التي تعرضت لها الطفلة «لمى» المشاعر حيال قسوة الأب وسطوته وادعاءاته الزائفة التي وصلت لاتهام طفلة بما لا يليق بها، ولم يكتفِ الأب بالقسوة بل تحول إلى وحش بشري ضرب ابنته وأدماها وقتلها، دون مراعاة لحرمة النفس التي حرّمها الله إلا بحق. المفاجأة أو الفصل الدرامي في المشهد كان انكشاف شخصية الأب وأنه داعية، من الدعاة إلى الدين الإسلامي الذي حرّم القتل وأعطى الرحمة والإنسانية بُعداً أقوى من أي بعد، وظهر الأمر جلياً في الرحمة مع المخالف في عهد الرسول، والرحمة مع المنافقين فلم يُفشِ أكرم الخلق أمرهم حتى لا يقسو الناس عليهم. إن هذا المدعي للدعوة، لم يُراعِ أي حرمة، ولم ينظر بعين الشفقة والعطف إلى طفلة لا تملك من الدنيا إلا براءة البياض، التي لطّخها بالدم، ولم يكن سوى أب افتقد لكل معاني الأبوة والحنان التي يرجوها أي طفل من والده. «لمى» رحلت إلى العالم الآخر، ولم تحمل معها إلا ألماً وكلمات بسيطة لعل أكثرها إيلاماً سؤال: لماذا قتلتني يا أبتِ؟ هل سيملك هذا الأب إجابة عن قتل ابنته غير عذرٍ لايقبله عقل أو دين؟ وهل سيجد آذاناً صاغية تستمع له وتصدق ادعاءاته؟ «لمى» كلنا نتألم لوفاتك، وندرك أن المنايا تأتي في وقتها، وكم تمنينا أن نشاهد هذه الطفلة وهي تلهو بألعابها وتكبر لتحلم بمستقبل وأسرة. وكم من حلم كان في مخيلة طفلة الخمس سنوات وجد نفسه موؤودا. اعذرينا يا «لمى» فلم نستطع أن نحافظ عليك، وسامحينا فروحك الطاهرة ستجد من يقتص لها، ولن يذهب دمك سدى. كم من «لمى» سنشاهد في حياتنا؟ وكم من لمى ستكون ضحية عنف أب أو إهمال أمٍّ أو حقد زوجة ثانية. البيوت مليئة بالقصص، وقد نسمع أكثر من قصة «لمى»، ولو بحثنا حولنا لوجدنا عديدا من الذين اغتالت يد الشر براءتهم. إن الإجرام لا يكون فقط بالقتل، ولكن المعاملة السيئة جريمة في حق إنسانية أي شخص وتزداد لتكون أكثر ايلاماً عند الأطفال.