جرب المصريون الحكومة الملكية وجربوا حكم العسكر والجمهوريات، وها هم اليوم على أعتاب الدخول إلى مرحلة مختلفة، مع قرب وصول حزب إسلامي إلى سدة الحكم. ليس أمام المصريين ما يخسرونه في حال وصول الإخوان إلى رئاسة الدولة، فالأوضاع السياسية الحالية مربكة والصورة مشوشة إلى حد كبير، والعقلاء منهم بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية، يطمحون لتجربة الحكم الإخواني الإسلامي، على أمل أن يكون لهم فيه خير وصلاح. الإخوان المسلمون ظلوا بعيدين عن واجهة المشهد السياسي منذ نشأة الحركة في العام 1928، وبقيت أعمالهم تتمحور حول العمل الدعوي والاجتماعي مع التحرك الحزبي داخل البيت السياسي في مصر وبعض الدول العربية. ويقدم الإخوان أنفسهم على أنهم ليسوا مجرد جماعة دعوية دينية بل هم أيضا هيئة سياسية تتبنى الإصلاح من منظور إسلامي، وهو ما يحتاجه فعلا المصريون في هذه الأيام العصيبة. وصول الإخوان إلى حكم مصر، سيكون بمثابة المحك الحقيقي للحركة التي قامت منذ أكثر من ثمانين عاما، ولم توضع تحت أي اختبار واضح يكشف آلية عمل الحزب الإخواني ومدى تقبل الشارع له. سيكون أمامهم تحد كبير في احتواء الأزمة الخانقة التي تعصف بمصر حاليا، وتحد أكبر في التعاطي مع الشؤون الدولية، خصوصا أن عددا من الدول والمنظمات الأجنبية تصنف جماعتهم كجماعة إرهابية. الخياران اللذان أمام المصريين اليوم لا ثالث لهما، إما أحمد شفيق الذي يمثل بالنسبة لهم امتدادا للحكم السابق واختياره يعني لدى الكثير منهم عودة إلى الوراء، أو محمد مرسي ممثل الإخوان، وهو ما يعني أن تدخل مصر في حكم إسلامي، ورغم أن الأمر يبدو غريبا لكنه الأقرب إلى المشهد والأكثر واقعية.