قد تمر الأيام عاصفة كبرق ورعد معا فتسرق بركضها لحظات العمر الفاصلة. ما أبشع أن تفرّ الدهشة من بين أصابع حيواتنا! وما أبشع أن تفيض لحظات العمر سأما من التكرار! وما أبشع أن يصبح تعاقب الليل والنهار فوضى أو ركودا! ولكن ليس هناك ثمة بهجة تضاهي التماع خيط رفيع من الأمل أمامنا من جديد. قد تطل بارقة أمل فتقلب موازين السكون العالق داخلنا منذ أمد، يفرد مارد الأمل أجنحته فوق تلك السماء الداكنة المعتمة فيبدأ بزوغ فجر جديد. ماذا لو لم يكن الأمل خيطا رهيفا؟ لا وليس بارقة صغيرة ، أطل الأمل موكبا من نساء و رجال هذه المرة يخطون خطوات حثيثة نحو مستقبل واعد، لم تكن الصورة أحادية أو فردية أو ناقصة أو مقسومة أو مخنوقة أو مرتبكة أو متلعثمة . أطل الأمل هذه المرة يحمل بيد شعلة وبالأخرى ميزان عدل كما في الأسطورة الإغريقية القديمة، يحمل تباشير ربيع من نوع آخر. جاء القرار البعيد النظر الذي أعلنه الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالسماح للمرأة السعودية بالعضوية الكاملة في مجلس الشورى إضافة إلى المشاركة في انتخابات المجالس البلدية مرشحة وناخبة في الدورات القادمة، فكان وقعه مشبعاً بالأمل. قرار الملك عبدالله منحى جديد في تناول قضايا المرأة وأهليتها التي لم تكن تتمتع فيها بشكل كامل وعادل من قبل، فبموجب هذا القرار مُنحت المرأة اليوم حقا سياسيا يساندها ويؤهلها لتكون مواطنة فاعلة وليست مع وقف التنفيذ كما في السابق. فهذا القرار خطوة جريئة تبتعد فيها المرأة عن خانة الإقصاء والتمييز التي كانت تعاني منها من قبل. اليوم أقف أنا كغيري من جيل الشباب على أعتاب بوابة حقبة جديدة واعدة، ولكن يفيض صدري بآلاف التساؤلات التي تدور بفلكي وفلك الكثير من الزملاء والزميلات من هم في نفس الفئة العمرية من جيل الشباب. كان خلف هذه الخطوة الجريئة قرار خادم الحرمين الشريفين بضرورة مواكبة ما يدور حولنا من تغيرات سياسية في العالم من أقصاه إلى أقصاه هذا إضافة إلى أن جيل كامل من الأباء والأمهات كتب وناصح ودعم وحلم ليرى مثل هذا القرار اليوم. ولكن سؤالي الذي أطرحه والذي يشغل تفكيري بشكل يومي تقريبا هو إلى أي حد نعي كمجتمع يشكل الشباب منه اليوم ما يعادل نسبة 65%، منهم من هو هنا ومنهم من هو جزء من مشروع الملك عبدالله للابتعاث في الخارج، أهمية أن يكون الشباب جزءا من منظومة العمل الوطني والسياسي والإصلاحي في الوطن سواء فكراً أو عملا ؟ هل يعي شبابنا اليوم ذكورا وإناثا بأنهم الجزء الأكبر من التركيبة الديموغرافية لهذا الوطن؟ وبالتالي من واجبهم أن يكونوا حاضرين في المشهد بشكل فعال وناضج ؟ أم هل يشعر الشباب بالإقصاء والتهميش وبالتالي هم فقط جزء مكمل للصورة يكتفون بالتصفيق غير آبهين بالمعنى الحقيقي للمواطنة؟أعتقد بأن العالم اليوم يواجه قنبلة موقوتة غازها الشباب. فإذا لم يدمج الشباب ضمن قائمة التفعيل فإننا كمجتمع سنواجه معضلتين كلاهما مرّ وقاسٍ من وجهة نظري : الأولى وجود جيل من الشباب لا يشعر بالانتماء إلى ما يدور حوله ولا يريد أن يتخذ خطوات إيجابية ليكون ضمن منظومة العمل الوطني الفاعل ويكتفي بالعيش على ما أوجده غيره من قرارات وأرزاق، وبالتالي سيجد الشباب أنفسهم في دوامة لا يرضون عنها لأنهم لم يكونوا طرفا فاعلا فيها ومن ثم يبدأ الشباب في مرحلة لاحقة بصب جم غضبهم على أوضاع لم يكونوا جزءا فاعلا لاتخاذ القرار فيها، وهنا تكمن شرارة الطرف الآخر من المعضلة فيتجه الشباب إلى حل مشاكلهم عن طريق الغلو أو التطرف أو الهجرة واللامبالة. تفعيل دور الشباب اليوم هو ضرورة حتى نستطيع كمجتمع أن نكمل مسيرتنا دون إخفاقات قد نكون في غفلة عنها اليوم. تفعيل دور الشباب يكون باعتبارهم جزءًا من منظومة العمل الوطني. فوجود استراتيجيّة شاملة للشباب (ذكورا وإناثا) تقوم على تطويرها الرئاسة العامة لرعاية الشباب بحيث تشمل الشابات أيضا مع مركز الحوار الوطني إضافة إلى الاستعانة بمراكز الأبحاث وإشراك الشباب أنفسهم قد تساعد على استقطاب الشباب وتبعدهم عن الغلو والتطرف. الشباب اليوم يتخذ من الفضاء الافتراضي مأوى له فينسج ويجرب من خلال بوابات المدونات واليوتيوب وتويتر وغيرها أحلاما يرمي بها حيثما شاء وقد ترتد إليه بآلاف الأشكال والأنواع. فلماذا لا يستفاد من هذا الفضاء في إعطاء الشباب فرصة في عالم الواقع أيضا ؟ وفتح المجال لهم بإنشاء مؤسسات تستهوي ميولهم وتلملم شتاتهم وتعطيهم موقعا فاعلا في العمل الوطني. هذا إضافة إلى ضرورة توفير فرص للتوظيف والتدريب والتأهيل والتوسّع في برامج القبول في مؤسسات التعليم المختلفة للشباب من كلا الجنسين.