أبدت عدد من المثقفات والأديبات تفاؤلًا حذرًا إزاء لائحة الأندية الأدبية الجديدة، ففي الوقت الذي قرّظن فيه صدروها وتلافيها لكثير من الثغرات التي لازمت اللائحة السابقة، أبدين في المقابل تخوّفًا من عدم تضمين حق المرأة المثقفة صراحة في نصوص اللائحة، مشيرات إلى أن عدم التضمين هذا قد يفتح الباب أمام تأويل بعض الراغبين في إقصاء المرأة وتهميشها وسلبها الحق في الترشيح لمجالس إدارات الأندية الأدبية، بينما أشار رأي آخر إلى أن عدم التضمين يعد إشارة إيجابية للائحة كونها لم تجنح إلى التصنيف والتمييز بين المرأة والرجل بما يفهم في السياق عن أحقية الكل في الترشّح والمنافسة على مقاعد مجالس الأندية الأدبية، الأمر الذي من شأنه أن يكسب الانتخابات في حال قيامها نوعًا من الشفافية والمصداقية.. جملة آراء المثقفات حول لائحة الأندية الأدبية الجديدة في سياق هذا التحقيق.. خوف التأويل الكاتبة والشاعرة حليمة مظفر استهلت حديثها قائلة: لا شك أن لائحة الأندية الأدبية التي طرحت مؤخّرًا ستلقي بظلال على مستقبل الثقافة والأندية الأدبية، وهي -في ظني- جهد منتظر ومميز قامت به مجموعة من المثقفين، ومن الطبيعي أن تصاحب بداية أي عمل بعض الثغرات والتي حتمًا ستسد حين تطبق على أرض الواقع؛ كما أن هناك تجارب انتخابية أخرى قامت بها الوزارة في الجمعيات كجمعية التشكيليين وجمعية المسرحيين وجمعية الفوتوغرافيين وبالتالي تأتي هذه اللائحة بعد تجارب تؤدي حتمًا إلى نضج موادها.. وتستدرك مظفر حديثها قائلة: ولكن كان بودي أن تكون هناك إشارة مباشرة للمثقفة في اللائحة كي لا يؤدي عدم وجود ذلك إلى إساءة فهم دور المثقفات ومشاركتهن في الفعل الانتخابي ضمن تشكيلة الأعضاء في الأندية الأدبية مستقبلًا، فالنسبة لي ومن واقع بعض الشواهد التي أستحضرها؛ أجد أن الاكتفاء بالإشارة الضمنية للمثقفة في اللائحة سيولّد كثيرًا من التصادم مع آخرين يرون في مشاركة المرأة أمرًا محل نظر، فليس كافيًا بالنسبة لهم الفهم العام بأن هذه اللائحة تشمل المثقف والمثقفة، وأنها تكفل حق العضوية للمثقفة كما تشمل حق العضوية للمثقف، فعدم الإشارة الواضحة إلى ذلك في اللائحة سيكون محل تجاذب وأخذ ورد، لهذا كان لا بد من الإشارة الواضحة لحق المثقفة دون لبس يترك الباب مفتوحًا لمن يريد التأويل والوصول إلى إقصاء المثقفة عن المشاركة بالاستناد لخلو اللائحة من نص واضح يشير إلى ذلك. وتختم مظفّر بقولها: وعلى أية حال سننتظر رأي الجمعية العمومية بحسب من تشير إليه اللائحة بإقرارها للانتخابات سبيلًا لاختيار مجالس الأندية الأدبية دون تمييز، فعند تطبيق هذه اللائحة سنتبين مدى استيعاب الجميع لها، لتكون نصوصها هي الحكم الفاصل في صحة موادها من عدمها، ومدى إمكانيتها في سد الثغرات إن كان هناك ثغرات فيها تستوجب إعادة النظر مرة أخرى، وقطعًا كل هذا سيتجلى خلال الفترة المقبلة المصاحبة لتطبيق المواد المصاحبة للائحة. كما أني على قناعة تامة أنه لا يوجد عمل كامل في الحياة، وأن أي جهد بشري سيكون فيه شيء من النقص، وسيكون الحكم الفاصل في هذه اللائحة وما احتوته من مواد هي الطريقة التي سوف تطبق بها هذه، آملة من جميع الناشطين في هذا المجال أخذ التجارب السابقة بعين الاعتبار والاستفادة من نجاحها، فإن ذلك حريٌّ بأن يجنبنا كثيرًا المزالق والفشل. تشويش وعدم وضوح وتتفق الدكتورة عائشة الحكمي رئيسة اللجنة النسائية بنادي تبوك الأدبي الثقافي مع ما ذهبت إليه «حليمة» من إمكانية حديث نوع من اللبس بعدم تضمين نصوص دالة على أحقية المرأة بالمشاركة في الانتخاب لمجالس الأندية الأدبية؛ وأن هناك بعض العبارات في اللائحة يشوبها التشويش وعدم الوضوح حيث تقول: عندما أقرأ اللائحة الجديدة من خلال النظر إلى المدة الزمنية التي احتاجتها لتكون تحت خدمة المثقفين، ومن خلال حاجة الثقافة في بلادنا إلى لائحة أكثر شمولية واتساعًا من اللائحة القديمة، أرى أن هناك بعض العبارات ترتهن إلى التشويش في عدم وضوحها وبخاصة فيما يتصل بالعضوية وأعضاء مجلس الإدارة والانتخابات، أما عن عضوية المرأة في العمل القادم فأرى أن المرأة ستحصل على أدوار مميزة في بعض الأندية وفقًا لظروف المناطق وتقبل إدارة النادي لذلك، وحرص المرأة على شغل أدوار جديدة في الأندية. لذلك أرى أن العمل في اللائحة الجديدة لن يكون بعيدًا عن الإيقاع الذي اعتدناه في السابق. ورغم إشارتها إلى «التشويش» في بعض مواد اللائحة فإن الحكمي تشيد بما تضمنته من نصوص قائلة: إن المواد الجديدة التي تضمنتها اللائحة الجديدة ستلبي كثيرًا من المطالب، وتسد كثيرًا من الثغرات القديمة، وأجمل ما فيها ما نشرته الصحف عقب صدورها عن اهتمام ومتابعة اللجان المعنية بها بكل الملاحظات والجدية في استيعابها وتوضيح ما يعترض تطبيقها، وهذا مهم ويؤكد العزم على إيجاد أرضية جديدة لتحديث المؤسسات الثقافية، ومن المهم أيضًا اهتمام وسائل الإعلام بها وتخصيص برامج خاصة بمناقشتها على الهواء وعبر الأثير واستضافة القائمين عليها حتى أصبحت حديث الساعة على مستوى القنوات المحلية والعربية، واستقراء المواد عبر التحقيقات الصحفية والزوايا اليومية والأسبوعية، وأعتقد أن بنودها (39) قد بعثت بعض الرضا لدى المثقفين، لكن ما زالت الأعين تترقب كيفية التطبيق. أما الأندية الأدبية فستعقد اجتماعاتها المعتادة بعد وصولها رسمًّيا، وستناقش البنود وفقًا لرؤى أعضاء مجلس الإدارة السابقين ومدى إمكانيات التطبيق وفق ميزانية كل ناد. وتضيف الحكمي: كما نعرف كل عمل تسخر له الموارد المادية سيثبت حضوره إذا وظفت بطريقة مدروسة، لكن الإشكالية ليست تلبية تطلعات المثقفات، فكل مثقفة لديها مشاريع وأفكار وطموحات خاصة وعامة لكن كيف تلبى وبأي شكل، وهل كل ناد بعد تسلمه بنود اللائحة قادر على التنفيذ سيظل عين على اللائحة وعين على الوزارة ينتظر الضوء الأخضر في كل خطوة، فالمسألة تحتاج إلى اتخاذ قرارات داخلية وتنفيذها بجرأة، وبالتالي ستشعر المثقفة / المثقف بارتياح؛ لأنه يخطط ويفكر ويشارك في التنفيذ. أما عن المطالب فليس هناك مطالب محددة حتى يبدأ تنفيذ اللائحة على أرض الواقع، فالمشكلة الآن في كيفية التفعيل، فالذي أراه فيها يتمثل في النية الحسنة في الشراكة القوية بين صيغة المذكر والمؤنث، وهي تجربة تسعى إلى فتح المجال لجميع المثقفين للإفادة من المواد التي يحتاجها ويعمل وفقها ليشعر بضمان حقوقه وحفظ دوره في العمل الثقافي. إحباط ويأس الشاعرة والكاتبة بشائر محمد لم تخفُ خيبة أملها ويأسها وإحباطها من اللائحة مكتفية بالقول: قلنا كثيرًا، وتمنينا كثيرًا، وكانت لنا الكثير من الطموحات والتطلعات وكلها تلاشت وتحطمت على صخرة الواقع؛ ولأننا لا نريد أن نعيد الكرّة مرة أخرى، إذًا ليقل غيري رأيه؛ أما أنا فأعتذر عن الخوض في مثل هذه اللائحة. ابتعاد عن التصنيف وبرغم أن الشاعرة الدكتورة أشجان هندي أشارت في استهلال حديثها إلى أنها لم ترَ اللائحة؛ إلا إنها مضت إلى القول: إن الإبداع لا يحكمه جنس بعينه؛ فالمبدع هو مبدع على كل حال، فلماذا ننتهج التصنيف عندما نتحدث عن الشأن الثقافي؟ ماضية إلى القول: إن من حق المرأة الاستشراف للوصول إلى المناصب الثقافية الأعلى مثلما وصلت في غيرها من المجالات الأخرى، وليس هاجسي الوحيد وصول المرأة لمناصب أعلى في الثقافة؛ لأن هاجسي أعم وأشمل من هذا؛ حيث أتمنى أن تصل المرأة إلى كل المجالات برفقة الرجل، وأرجو هنا أن يكون الفيصل في وصول المرأة أو الرجل هو الإبداع والكفاءة المؤهلة والقدرة على الإدارة الجيدة لأي مجال سواء كان ثقافيًا أو اجتماعيًا أو غيره، ونحن بهذا التصنيف الجائر نغذي التصنيف والذي يقتل الإبداع والكفاءة حينما نفصل المرأة عن الرجل رغم أنهما مكملان لبعضهما البعض، وهنا أؤكد أن اللائحة لم يرد ذكر للمرأة فيها نظرًا لابتعادها عن التصنيف مما استدعاها إلى الحديث بشكل عام دون تصنيف بين امرأة ورجل وهو ما يجعل مرحلة الانتخابات أكثر نزاهة وشفافية ومصداقية. رهان المثقفين والمثقفات وتشارك القاصة الدكتورة هناء حجازي بقولها: أعتقد أن اللائحة الجديدة تبعث على التفاؤل، لأن أي تغيير في الحقيقة يعني أن هناك استجابة من قبل المسؤول لما ظل يدور على ألسنة الناس ويشغل بالهم، وهذا يعني أن مسؤولنا وهو معالي وزير الثقافة والإعلام في هذه الحالة مستمع جيد، وهو منذ توليه المنصب وهو قريب فعلًا من المثقفين، يستمع إلى كل ما يطرحون ويرد عليهم وينشغل بما ينشغلون به، لذلك وعلى الرغم من أن البعض لا يزال غير راضٍ عن اللائحة الجديدة، لكني أرى فيها فاتحة خير، لأنها بكل بساطة تعني أن هناك تغييرًا يحدث، وأن هناك مسؤولًا يستمع إلينا. هذا في حد ذاته إنجاز عظيم طالما ظل المثقفون أنفسهم يمنّون النفس به. وتضيف حجازي: أتمنى في ظل اللائحة الجديدة أن يثبت المثقفون عكس ما يبشر به الكثيرون من أنهم غير قادرين على قيادة أنفسهم، لو حدث ذلك فإن المسألة ستكون محبطة فعلًا، وإذا كانت المثقفات منذ الآن يتوقعن أن الرجال المتنفذين في الأندية الأدبية لن يسمحوا لهن بالوصول إلى مجلس الإدارة، فهذا يعني بالنسبة لي كارثة حقيقية؛ فدلالة ذلك ستكون أن الأدباء والمثقفين الذين يجب أن يكونوا الروّاد في مسألة تنوير المجتمع والإيمان بقضية المرأة لم يصلوا بعد إلى هذا المستوى من التفكير. ومن ناحية أخرى يجب أن يكون المعيار الحقيقي في اختيار أعضاء مجلس الإدارة ليس كونهم إناثًا أو ذكورًا؛ بل كون الشخص قادرًا على تحمل المسؤولية ومثقفًا قولًا وفعلًا، مثقفًا ناجحًا على مستوى الإدارة يملك خطة واضحة ويعي بشكل كامل المرحلة التي نحن فيها وما تحتاجه الأندية الأدبية للرقي بالمجتمع أدبيًّا، ويملك تصوّرًا استراتيجيًّا واضحًا لما يجب أن يتم تنفيذه في هذا المجال. هذا ما أراه وأظنه، وأتمناه.. وتختم حجازي بقولها: أرى أنه على المهتمين بالأدب أن يسعوا لتسجيل أسمائهم وينالوا عضوية النادي، كي يكون بمقدورهم انتخاب الرئيس الذي يطمئنون إلى برنامجه، كما أتمنى أن يضع كل مرشّح البرنامج الذي يسعى لتطبيقه بشكل واضح، وأن يكون على قدر المسؤولية، وأن يتوقع مساءلة الناس له لما لم يتم تنفيذه من برنامجه في نهاية فترة ترشيحه، فاللائحة الجديدة تدل على حسن نيات السلطة، والكرة الآن في ملعب القائمين على الأندية الأدبية، وفي ملعب المثقفين جميعًا، فلو نجحوا فهذا يعني أنهم استحقوا الثقة التي أعطاهم إياها وزيرهم، ولو أخفقوا فهم الملومون أو ربما كانت هناك معوقات تمنعهم من تحقيق ما يصبون إليه، الفرق أنّه في ظل اللائحة الجديدة أصبحوا قادرين على وضع أيديهم بجلاء على موضع الخلل. تنسيق منتظر عضوة نادي الطائف الأدبي الأديبة سارة الأزوري قالت: لم اطلع على اللائحة القديمة؛ ولكن التغيير في اللائحة الجديدة هو ظهور المرأة التي إن لم ينص عليه فقد أصبح لها حضورها عبر دخولها مجالس الإدارة وعبر وجودها كمثقفة ومبدعة؛ حيث إن اللائحة لم تستبعدها من الترشيح في الجمعية العمومية؛ وبالتالي لم تستبعد من ترشيح عضوية مجلس الإدارة، وطالما أن اللائحة لم تستبعد المرأة فإن المرأة ستصنع وجودها عبر الجهود والتنسيق فيما بين المثقفات، وكذلك عبر جهود المثقف الذي أصبح يعي دور المرأة، كما أجد أن اللائحة وإن لم تنص على المرأة، وهذا كان ينبغي أن يكون لأننا في مرحلة جديدة من تقبل الحراك الثقافي للمرأة عبر الأندية، أجد أن عدم الذكر ليس عائقًا صلدًا خاصة أن المرأة كما أشرت سابقا أثبتت حضورها الذي لا تستطيع الثقافة أن تتجاهله أو تهمشه أو تقصيه، لأن كلمة مثقف أو مبدع أو أديب غير مقصورة على المذكر فقط. مذيلة حديثها بالقول: نعم الفترة المقبلة ستكون مختلفة بالنسبة للمرأة؛ لأنها تأتي بسبب فعل ثقافي رشحها كعضوة في الجمعية العمومية ثم انتخبها عضوة مجلس إدارة فقد أتت هنا من خلال ترشيح ثقافي وليس من خلال ترشيح منحصر في أعضاء مجلس الإدارة كما كان سابقًا.