سارة صالح الصافي أجيال، منذ خمسين عاما، درست وتخرجت، شهدت كل المتغيرات على أرض واقعها، وشهدت التجديد في كل أمور الكون والحياة والمجتمع، ومازالت مدارس التعليم العام، في أغلب المناطق، تتمسك بلون الزي «المريول» المدرسي، منذ ما يقارب الخمسين عاماً، وكأنما جعلت منه موروثاً اجتماعياً تتمسك به! فهل يناسب اللون الرمادي الباهت، والأزرق الكحلي الغامق، هذا العصر الحديث؟ بكل إشراقه وانفتاحه؟ وكيف ترتدي ابنة اليوم موديل ولون لبسته جداتها؟ وكأنما نحن نقف في وجه التجديد والتغيير والتقدم! وهل اللون الرمادي في اللبس يناسب طفلةً صغيرة؟ وهل اللون الكحلي الغامق يناسب مراهقةً في عمرِ الورود؟ أما آن لإدارات مدارس بعض المناطق التي جعلت تلك الألوان الكئيبة قدراً مكتوباً على بناتنا الطالبات أن تحررهن من هذه الألوان البشعة والقاتمة؟ ولماذا هذا التفاوت العجيب بين المدارس الأهلية والحكومية في هذا الأمر؟ وفي أمور أخرى؟ أليست كلها مدارس تُنسب إلى وزارة واحدة؟ ومن يدرسن فيها بنات وطن واحد! لقد تقدمت وغيري كثيرون بمقترح قبل سنوات لتغيير لون الزي المدرسي للمراحل الابتدائية والمتوسطة، وحتى الثانوية، بألوان ترضي ذوق الفتيات في هذا العمر، المتفتح والمقبل على الحياة، وبموديلات لائقة، تشعر الفتاة وهي ترتديها بأنوثتها، بدلاً من أن يكون هناك زي معد مسبقاً، مرسوم ومطبوع على ورقة ترفق بشهاداتهن عند نهاية كل عام، هو أشبه ما يكون بثوب الرجل، مما أفقد الفتيات مظهرهن الأنثوي. ولكن كان لتجار القماش في حينه موقفاً أقوى من تلك الأصوات، فهل تجد إدارات التعليم بهذه المناطق حرجا في تغيير هذا الزي، وهذه الألوان الكئيبة؟ أم أن صلاحياتها تقف عند هذا الحد؟ ألم يدركوا بعد أن كل شيء من حولهم قد تغير، ومن حق بناتنا أن يلبسن ألواناً زاهية تناسب أعمارهن التي توصف بعمر الزهور؟ لماذا إذاً لا يرتدين ألوان الزهور الزاهية؟ ويكون موديل الزي المدرسي أقرب إلى نفوسهن وأعمارهن، بحيث يناسب تحركاتهن في المدرسة. أتمنى أن أستفتح يومي ذات صباح بألوان زاهية مشرقة، بدل تلك الألوان الغامقة الكئيبة التي تؤثر سلباً على النفسيات، وعلى المنظر، وأن تتغير ألوان الزي المدرسي للمراحل الثلاث الابتدائي والمتوسط والثانوي، بما هو مناسب لهذه الفئة العمرية، لتشعر بناتنا الطالبات بالتجديد، وكي نخلصهن من الروتين الممل في الملبس، الذي توارثنه جيلاً بعد جيل، والذي أصابهن بموجات من الكآبة، بحيث لا يسمح لتجار القماش، أن تعلو أصواتهم، أو تمرر مرئياتهم، وحتى لا ندخل الطالبات في معمعة تلك الصفقات التجارية!