في قصص المشاهير عديد من المفارقات ومشوار طويل من التعب والكفاح والجد والتحمل يتكلل أخيرا بتاج الشهرة بينما يحصل بعض المشاهير الذين صنعتهم وسائل التواصل الاجتماعي من المفلسين على شهرة سهلة استطاعوا من خلالها أن يتقاسموا سلالم المجد مع المبدعين والمميزين وذلك ليس بجهودهم ولكن بوجود جمهور من الداعمين الذين جعلوا منهم أشخاصا معروفين ومهمين نتيجة لمتابعة ما يقدمونه من برامج تصل إلى درجة الحمق والتفاهة مما يجعلنا نخاف على قدرتنا على تقييم مثل هذه التوجهات والتعرف على إمكاناتنا العقلية في التمييز بين الإبداع والتقليد والغث والسمين وهذا الأمر جعل ناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي في كل من أوروبا وأمريكا، يقودون حملة على خلفية عبارة كُتبت في أحد شوارع أمريكا تحت هذا المعنى «توقفوا أو لا تجعلوا من الحمقى مشاهير» وهذه الحملة تهدف إلى تجاهل السذج والمفلسين الذين يقومون ببث مقاطع تهريج وابتذال في سبيل تحقيق جماهيرية عريضة من خلال المتابعين خاصةً أنَّ هناك من يتلقى مثل هذه المقاطع الفارغة ويبثها عبر الشبكة العنكبوتية أو عبر وسائل التواصل كوسيلة للتندر والفكاهة وذلك يجعلنا نتساءل عن المجتمع في حال تزايد هذه العينات وسط غياب أو تغييب العقل والمنطق والتفكير الناقد لما يرون من تلك الحماقات، التي تطرحها شخصيات تريد أن تفرض ثقافة الإفلاس والتفاهة على المجتمع ليتم تناقلها دون أن يدرك المجتمع خطورة وصول هذه الفئة إلى منصة الشهرة وتصدرهم الأدوات الإعلامية خطورة، إننا جعلناهم مشاهير وألبسناهم زيا فضفاضا يتطلب منهم أن يقوموا بكثير من التزييف والتملق والنفاق حتي يستطيعوا أن يملأوا أماكنهم بعد أن تم نعتهم بألقاب لا يستحقونها مما يؤدي إلى تماديهم في تقديم التافه لزيادة رصيدهم الإعلامي وسط شعورنا بالدهشة من هذه الأساليب التي كانت تعتبر قديما من أهم أسباب نقد المجتمع ورفضه لمثل هذه التصرفات مما يتطلب توعية المجتمع والجيل الجديد بأهمية معرفة الفرق بين المبدع الحقيقي والمفلس والقضاء على مشكلة صناعة التافهين والمهرجين والحمقى وتصدرهم المشاهد الإعلامية أو الحد منها من خلال مؤسسات المجتمع من مفكرين ومثقفين وإعلاميين وأكاديميين وتربويين ودعاة وخطباء ومهتمين للتصدي لهذه القضية وجعلها من قضايا الرأي العام والحد من شرعنة ثقافة الإفلاس ودعم المؤسسات الرسمية لها والتوقف عن التعامل مع هذا المنتج كمتلقين لا حول لهم ولا قوة سوى النقل والقص واللصق مع تغييب العقل ولعل من أهم الحلول الناجعة هي التوقف عن متابعة هذه الحالات والتعقيب على تصرفاتها بشكل يوضح أنها ليست أكثر من خفافيش تظهر في الظلام وأنها لا تقدم سوى التفاهة والإسفاف والقدوة السيئة وأنها مفلسة في كل ما تقدمه من محتوى فارغ يجب أن نلتفت إليه بدلا من أن تصل هذه الفئة لتتولى قيادة أمورنا وتتحكم في مجريات إعلامنا وأدواتنا الإبداعية وتحولها إلى قنوات لرصد السخافات والتندر بها والبحث عنها وتغييب العقل الواعي والفكر المدبر.