«توقفوا عن جعل الحمقى مشاهير» هذا ما ردده الكثير من زوار وزائرات معرض الرياض الدولي للكتاب، خاصة بعد أن تفشى ظهور شخصيات اشتهرت في مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي ليتصدروا المشهد كمثقفين، وهم في الحقيقة لا يمتون للثقافة بصلة، ولا يملكون من العلم أو الفكر ما يجعلهم يستحق كل تلك النجومية التي حصدوها، سوى أنهم «تافهين». «الرياض» رصدت الاهتمام الذي يلقاه هؤلاء المشاهير، في حين أنّ المثقفين الحقيقيين والكتاب وفطاحلة الأدب يقفون دون اهتمام واضح من الزوار، إلاّ من القلة، وكان الضجيج والتجمعات رفيقاً لشخصيات لا تملك سوى ملامحها وأناقتها المصطنعة أو تفاهتها المغلفة بخفة الظل أو الثراء الذي يتباهون به، فتجد الكبار والصغار متجمعون على طفل أو على أحد مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يدل على خواية فكرية، وفراغ عقلي، واهتمامات سطحية. كتاب وكوب قهوة واعتبر الكاتب أحمد الغزي أن المثقف هو الشخص الذي لديه علم قليل في أمور كثيرة، وهذا ما يفتقده أغلب مشاهير الذين هم أبعد ما يكونوا عن الثقافة، محملاً المجتمع والأسرة جزءًا كبيراً من إعطاء هالة الضوء لهؤلاء «الحمقى»، مدللاً على ذلك أنّ مشاهير الوقت الحالي لم يصنعهم إلاّ وسائل التواصل الاجتماعي، ولو كانوا يستحقون ما حصلوا عليه من هالة لعرفناهم من قبل، لافتاً إلى أنّ غالبية رواد المعرض ليسوا من هواة القراءة ولا مريدي الثقافة فعلاً، بل من المراهقين الذين جاءوا لبحث كتب الكاتب الذي يعجبون به من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وهم جماهير الكتّاب، ولا يهمهم كثيراً ما حويه الكتاب بقدر ما يعنيهم أن يصوروا مقتنياتهم مع كوب قهوة فقط! اهتمام بالمظاهر أما بدر الموسى فرأى أنّ المثقف هو القارئ والمستمع الجيد، وهالة الضوء التي اكتسبها الحمقى ما هي إلاّ انعكاس لواقع المجتمع، الذي أصبح ماديا ويهتم بالمظاهر أكثر من الجوهر، ولأجل ذلك يحرص على مثل هؤلاء، محملاً المثقفين جزءًا من مسؤولية تحول الضوء منهم إلى التافهين، وذلك بسبب تنحيهم عن التسويق لأنفسهم والبحث عن الأضواء، مضيفاً: «المثقف تعد ثقافته وعلمه هي بضاعته التي يجب أن يتعلم التسويق لها، ويجب أن يبتكر للتسويق لها، وليس عيباً أن يبحث عن الأضواء، كما يجب أن يبسطها ويوصلها للآخرين، لإيصال المعلومة بأسهل طريق وأقصره». فقاعة صابون واتفق معهما سلطان الجعيد -المحاضر بجامعة جدة-، معتبراً أنّ الإعلام يتحمل جزءا من المشكلة، فالإعلام يبرز التافهين على أنّهم مثقفين، حتى لو كانوا فارغين على حساب المثقفين الحقيقيين، كما أنّ هناك ما يسمى ب»الحالة العامة» أو الطبيعية، وهي أنّ هناك دائما قلة في العلماء والمثقفين، مؤكّداً أنّ هؤلاء ما هم إلا فقاعة صابون، ووجودهم متروك للوقت «أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض»، لافتاً إلى أنّ هناك كتبا وأطروحات لا تصمد مع الوقت، وهو كفيل بإسقاطها، والدليل الشهرة التي حضيت بها بعض كتب بيضاء لا تحوي على حرف واحد. مساعدة المجتمع فيما اعتقدت بثنية الهذلول أنّ المثقف هو الذي يجمع معلومات من كل شيء، ويستقيها في جميع العلوم، مضيفةً: «أما الآن أصبح التافه هو المثقف في نظر الكثير، ففي الاونة الاخيرة أصبحت الشهره تلاحق أي تافه، والمجتمع يتحمل جزئية كبيرة، والمثقفون موجودون ولكن يجب أن نبحث عنهم بعناية». ورأت أريج ومريم الغامدي أنّ المثقف هو القارئ بشكل كبير ومن يملك المعلومة، معتبرات أنّ الإعلانات والتقرب من الناس عبر مواقع التواصل جعلت العديد من الفارغين مشاهير، لكن ذلك لم يحدث لولا مساعدة المجتمع، الذي ساهم في صنع نجوميتهم وشهرتهم، وساعد في تضخمهم على حساب المثقفين الحقيقيين، حتى إنّه أصبح يلجأ إليهم لحل قضاياهم. أريج ومريم الغامدي (عدسة/ منيرة السلوم) أحمد الغزي سلطان الجعيد بثينة الهذلول