أطلقت بعض الدول الغربية عبارة توقفوا عن جعل هؤلاء الحمقى مشاهير وهي الترجمة العربية ل Stop making stupid people famous فأولئك الحمقى الذين يستفزون الآخرين بما يصنعونه في وسائل التواصل الاجتماعي كتويتر والفيس بوك وأنستغرام والسناب شات وغيرها من وسائل التواصل المرئية، اعتقاداً منهم أنَّه في حال خروجهم عن المألوف والثرثرة فإنَّهم سيكونون أكثر شهرة ونجومية وقدرةً على كسب إعجاب الناس، بيد أنَّ الأيام وحدها أفرزت وحددت لنا الغث من السمين والصالح من الطالح، وأقل ما يقال عن هؤلاء التافهين بأنهم أناس فارغون وساعون نحو قمة هرم الشهرة حتى يصفق لهم الناس ويعجبوا بهم مما ينعكس على كثرة عدد متابعيهم بسبب أفكار ليس لها أيّ علاقة أو ارتباط بموهبتهم أو تفوقهم أو ربما حتى ثقافتهم، هو أقرب ما يكون إلى الاستخفاف بالعقول.. ومن خلال متابعتي لم أجد بين مرتادي أو مستخدمي هذه التقنيات او البرمجيات من هو ذا أو ذات مستوى ثقافي متميز أو مكانة علمية واجتماعية سوى القلة القليلة جدا والتي لا تكاد تذكر على أصابع اليد الواحدة، أما الأغلبية فهم يحاولون صنع شيء لأنفسهم يفتقدونه من خلال الاوهام والتفاهات وبطبيعة الحال شبيه الشيء منجذب اليه. وأعزو ذلك لغياب العدالة وتكافؤ الفرص في الابداع والتميز فيسلك الناس وخاصة الشباب قسرا غير المألوف فإذا كنت مبدعا أو ستخرج امرا مفيدا فلن تتاح لك الفرصة وستتاح الفرصة لمن تقدم له على طبق من ذهب فنحن نرى الحراك أياً كان نوعه في هؤلاء لا يرقى الى درجة الاقناع فهو قريب من التفاهة ويتجاوزها احياناً بسبب وسائل التواصل الاجتماعي التي أتاحت الفرصة لكل إنسان أن يعبر عن نفسه بطريقته الخاصة وفق ما يملك من قدرات وما تسمح له نفسه أن يبوح به، وحال هذه الوسائل اليوم هو كحال السوق التجاري، بضائع تنتقي منها ما تراه يتناسب مع أخلاقك وذوقك ومدى تقييمك للأمور وبضائع مُقلدة ورخيصة الثمن كرخص وقيمة بعض الحمقى ومشاهير الانترنت! والفائدة المجنية من هذه الوسائل في العالم الغربي تتفوق كثيراً من حيث إيجابية الاستخدام على عالمنا السعودي والخليجي والعربي، فهي تتعارض مع الهدف الذي وجدت من أجله في بعض الأحيان، وغالباً ما ترتكب الأخطاء الفادحة في طرق التعامل مع هذه التقنية الحديثة التي وجدت لخدمة البشرية، فهي لدى البعض لا تتعدى أن تكون وسيلة لنشر كل ما يتعارض مع مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا الإسلامية المتزنة! وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت فرصة للتافهين أن يدخلوا بيوتنا ويحومون بسخافتهم ناهيك عن إعطاء صورة نمطية لمجتمعنا بالتفاهة وسرعة انتشار الإشاعة ويكفي أننا تصدرنا المركز الأول في الإشاعة على النقيض والعكس مع دول متقدمة كاليابان التي احتلت المركز الأخير في الإشاعة وهذا يدل على ان الوعي والاهتمام بالإنتاج والتقدم يمشي بشكل عكسي مع الإشاعة والتفاهة، وما يثير السخرية أن هناك جهات رسمية تستقبلهم استقبال العلماء والمفكرين والأدباء وتشجعهم على الانتشار أكثر! وقد يكون هناك أسباب أُخرى لانتشار التفاهات والمشاهير الحمقى وهي انعدام وسائل الترفيه من معارض وحفلات واحتفالات رياضية ومسارح وغيرها من الفعاليات التي لا تتعدى أيام العيد وفي مجملها برامج مكررة ومملة وسامجة! المشاهير الحمقى هم أجساد ممتلئة بعقول فارغة كحال الاجهزة الذكية محتواها فارغ وأصبح المحتوى يخاطب الرغبات أكثر من مخاطبة العقول «نحن نهرج إذاً نحن موجودون» ، فالفضاوة اذا اجتمعت بثقالة الدم (السماجة) أصبح لدينا تشوه حضاري ومشاهير التفاهة والاستهبال هم من يتصدر ذلك التشوه والإنسان ابن بيئته كما يقال، منذ الساعات الأولى لولادته يقع الفرد تحت تأثير الأسرة مرورًا بتأثير مجتمعه المتمثل في المدرسة والإعلام وبيئة العمل، إلى جانب حياته الشخصية وتواصله مع الأصدقاء عبر الواقع الفعلي والواقع الافتراضي المتمثل في الإنترنت وقد يكون التلقين في المدارس هو الطريق الأسرع للغباء وأنتج لنا هؤلاء المشاهير الحمقى الذين تصدروا المشهد وغُيب عنه من يستحقه فعلياً من المفكرين والعلماء والأدباء وأبطال قواتنا المسلحة ورجال أمننا البواسل الحامين والمدافعين عن حدود بلادنا وأمنها!