في وقتٍ بدأ المؤتمر العالمي لأبحاث لقاح فيروس كورونا أعماله في الرياض، كرَّست كلية الطب في جامعة الملك سعود لنظرية اعتبار الإبل المصدر الرئيس للفيروس الذي يُسبِّب متلازمة الشرق الأوسط التنفسية. ولاحظت اللجنة العلمية للأوبئة في الكلية أن كافة البراهين المستخلَصة من الدراسات الحقلية المتوفرة والفحوصات المخبرية المصلية والجينية تشير إلى الإبل بصفتها الأقرب لتكون الحاملة للمتلازمة المعدية والمؤدية إلى الوفاة. ولفتت إلى رصد عديدٍ من الدراسات العلمية الحديثة تطابُق فيروس كورونا المعزول من الإبل (MERS-COV) مع الفيروس المعزول من المصابين بالمتلازمة المرتبطين بنفس المساحة الجغرافية. ومع إقرار اللجنة في بيانها أمس بعدم تعرض بعض المصابين بالمرض للإبل مسبقاً؛ فإنها تحدثت عن طرقٍ أخرى للتعرُّض ليست مباشرة ولم يتم النظر إليها بشكل دقيق «كالتعامل مع شخص آخر اختلط بالإبل ولم تظهر الأعراض عليه، أو تناوُل حليبها غير المبستر». وأكد البيان في الوقت نفسه عدم عزل الفيروس (MERS-COV) من المواشي الأخرى كالأبقار والماعز والأغنام، مُقرَّاً بمحدودية البحث المعني بهذا الجانب. ووفقاً للبيان؛ فإن مجمل الدراسات أثبت تطابقاً في التسلسل الجيني بين عزلات الفيروس من المرضى المصابين به وعزلاته من الإبل في المنطقة التي ظهرت فيها الحالات. وتداخَلَ مع تأكيدات اللجنة الأكاديمي في جامعة الملك عبدالعزيز، الدكتور طارق مدني، بعد إجرائه دراسة لتحديد عوامل الخطورة التي تسبق الإصابة بالمتلازمة. واستنتج مدني أن التعرض للإبل خلال الأسبوعين اللذين يسبقان ظهور الأعراض يعدُّ أحد عوامل الخطر المستقلة. إلى ذلك؛ نقلت اللجنة العلمية للأوبئة عن دراساتٍ تأكيدها وجود خطر على الجزارين المتعرضين للإبل بنسبة 3.6 % مقارنةً ب 2.3 % عند الرعاة و0.15 % عند عامة الناس. ولاحظت اللجنة إشارة دراسات علمية مستفيضة خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى زيادة عدد حالات إصابة عوام الناس بالمتلازمة في شهرين معينين من السنة، وهما إبريل ومايو، بينما تُرصَد الحالات الظاهرة داخل المستشفيات في أشهر متأخرة من السنة، وهي من سبتمبر إلى نوفمبر. وتلفِتُ هذه الدراسات الانتباه إلى توافق بين زيادة عدد إصابات عامة الناس وموسم توالد الإبل. وشدَّدت اللجنة على أهمية الدراسة الحقلية المستفيضة خصوصاً إذا ركَّزت على الحالات المصابة التي لم يثبُت تعرضها للإبل؛ بغرض دراسة العوامل الاجتماعية والبيئية المؤثرة. وتابعت «إذا أُخِذَت كل البراهين المستخلصة من الدراسات الحقلية المتوفرة والفحوصات المخبرية المصلية والجينية منها؛ فإن تشير إلى أن الإبل هي الأقرب لتكون الحاملة للمتلازمة». وظهر المرض في المملكة في يونيو من عام 2012. لكن اللجنة أشارت إلى الحاجة لإجراء دراسات لمعرفة ما إذا كان (MERS-COV) أصاب الإنسان قبل هذا التاريخ، منبهةً إلى وجوب فحص العينات المخزنة قبل 3 سنوات «بهدف دراسة الطفرات الجينية إن وُجِدَت، وهل كان لها دور في تمكين الفيروس من إصابة الإنسان أم لا». في سياقٍ متصل؛ أظهرت دراسة أجراها الدكتور عبدالعزيز العقيلي من كلية الطب في جامعة الملك سعود ارتفاع معدل الإصابة بالمتلازمة في الإبل التي يزيد عمرها عن عامين مقارنةً بالإبل حديثة الولادة بواقع 95% مقابل 55%. في الوقت نفسه؛ اكتشف العقيلي في دراسته وجود «كورونا» في الجهازين التنفسي والإخراجي للإبل الأقل من سنتين بنسبة 35% مقارنةً ب 15 % للإبل الأكبر من سنتين. ورأى مُعدُّ الدراسة أن الإصابة في الجمال تحدُث في سن مبكرة، واصفاً الأصغر سنَّاً منها بالمصدر الرئيس للعدوى. وأشارت دراسته إلى دراسة أخرى لتحديد مدى وجود الفيروس في سوائل وإفرازات الجمال المختلفة في أحد أسواقها في دولة خليجية، إذ تبيَّن وجوده في 59% من سوائل الغشاء المخاطي، كما ثبُتَ إصابة شخصين بالمتلازمة لارتباطهما على الأرجح بهذا السوق أو بمخالطة الجمال. وعرضت اللجنة العلمية للأوبئة نتائج دراسة العقيلي ضمن بيانها. بدوره؛ قال وكيل وزارة الصحة للصحة العامة، الدكتور عبدالعزيز بن سعيد، إن عقد مؤتمر أبحاث لقاح «كورونا» في الرياض بحضور نحو 110 خبراء وعلماء من جنسيات متعددة لا يعني حتمية الإعلان في نهايته عن إنتاج اللقاح «كون البحوث تستغرق وقتاً، كما أن تصنيع مصل يمر بمراحل متعددة يعلمها المختصون، لذا لا أحد يضمن توقيت الإعلان». لكنه أبدى تفاؤله بقدرة المجتمعين على الخروج بنتائج تلبي مستوى تطلعات الوزارة «التي دأبت على بحث سبل تطوير لقاح بالتوازي مع خطط وبرامج الوقاية والعلاج». وذكر وكيل الوزارة أن المؤتمر الذي بدأ أعماله أمس في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية يمضي بخطى جيدة ومشجعة مع اجتماع المانحين وحضور جهات عالمية، لافتاً إلى التركيز على التقاء المانحين بالعلماء وتوفير فرصة للعلماء للوقوف على ما لدى المانحين من أفكار. وأكد ابن سعيد أن أهمية هذا المؤتمر وحساسيته تقتضيان الوضوح الكامل، واصفاً العلماء والخبراء الذين لبُّوا نداء المشارَكة بأنهم من أميز العناصر في مجال اللقاحات على مستوى العالم. ويصل عدد الجهات المانحة المشاركة إلى 12 جهة في مقدمتها المملكة ممثلةً في وزارتي الصحة والزراعة ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، كما تشارك منظمة الصحة العالمية. ورأى ابن سعيد أن المملكة عالجت عدة تحديات بعقد هذا المؤتمر و»منها التحدي الإداري المتمثل في تمكين المعنيين من الوصول إلى المعلومة، وتحدي الدعم المالي وتمويل الأبحاث». ووفقاً له؛ تعهدت المملكة بتغطية جزء من الدعم المالي للبحوث وبتوفير قاعدة بيانات للبحث العلمي عبر وزارة الصحة. في نفس الإطار؛ أوضح ابن سعيد أن المباحثات خلال المؤتمر تشمل تقديم عروض علمية للتعرف على الصعوبات التي تواجه العلماء والعمل على حلها، «على أن يلي ذلك تقييم البحوث والتعرف على الأكثر جودة وفاعلية وقدرة على إنتاج اللقاح، وبالتالي رفع التوصيات». وشدد على أن لقاء الرياض ليس نهاية المطاف لبحوث لقاح «كورونا»، وبيَّن أن منظمة الصحة العالمية ستستضيف لقاءً مماثلاً في الأسبوع الأول من ديسمبر في جنيف بمشاركة المملكة، متابعاً «يعقب ذلك سلسلة لقاءات لتوجيه البحوث إلى الاتجاه العلمي الصحيح، وإذا مضت الجهود بهذا التنسيق والتوحد فستكون هناك نتائج سريعة». إحصائيّاً؛ خلت سجلات وزارة الصحة أمس من أي حالات ل «كورونا» على مستويات الإصابة والوفاة والتعافي. وبذلك؛ يستقر عدَّاد الفيروس داخل المملكة عند 1276 إصابة مؤكدة منذ صيف 2012. وتعافت 726 حالة بنسبة 56.9 % من الإجمالي، فيما تُوفِّيَت 547 أخرى بنسبة 42.8%، ولا تزال 4 حالات قيد المتابعة العلاجية بنسبة 0.3%. وانتقلت العدوى إلى 12 % من المصابين عبر عاملين صحيين، وإلى 33% داخل المنشآت الصحية، وإلى 14% بسبب المخالطين المنزليين. وفيما صنّفت «الصحة» 38% باعتبارها «أوَّلية»؛ فإنها وصفت 3% ب «غير مصنَّفة». أعلنت وزارة الصحة استئناف حملة منح تطعيمات الإنفلونزا الموسمية في المراكز التجارية في الرياضوجدة والدمام والطائف. ودعت «الصحة» المواطنين إلى المشاركة في البرنامج الوطني للتطعيم ضد الإنفلونزا، مؤكدةً توفّر فرص الاستفادة من البرنامج أمام الأطفال والحوامل والمصابين بالأمراض المزمنة. وتنتهي الحملة في ال 21 من نوفمبر الجاري.