عندما تٌستنفد الخيارات السلمية يصبح قرار الدخول في حرب أو توجيه ضربات جوية محددة الأهداف ضرورة مفروضة رغم تكاليفها الباهظة، فالحرب آخر أوراق الدبلوماسية وأداتها الخشنة. للحروب والصراعات تكاليف سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وفكرية أيضاً، فالصراعات والحروب متعددة التكاليف مختلفة النتائج، ولعل ما يشغل المجتمعات هو التكلفة الاقتصادية. لكن التكلفة الثقافية والفكرية والاجتماعية لا تقل أهمية عن التكلفة السياسية والاقتصادية من عدة جوانب، التكلفة الثقافية للحروب والصراعات تتمثل في بروز لغة خطابات نخبوية وشعبية قد تكون ضد الهدف الحقيقي الذي قامت من أجله الحرب، وتتمثل أيضاً في بروز أصوات شعرية وقصائد ركيكة ومقالات نقدية هشة المحتوى والمبرر مواكبة الحدث بشتى الطرق والوسائل، اللغة الثقافية النخبوية والشعبية المضادة للهدف الحقيقي تؤثر بشكل سلبي على الأهداف وتزرع بذور الشك والتشكيك في القدرات، وتتسبب في نشر الرعب والخوف من القادم، تلك اللغة توجد في كل صراع وحرب، ووجودها مرتبط بغياب الدور الإعلامي الحقيقي الشفاف والفعال في مواكبة الأحداث وتقديم الإجابات الشافية للجماهير المتعطشة لمعرفة كل شيء، ركاكة القصائد الشعرية وهشاشة بعض المقالات تكلفة ثقافية أدبية، لكنها أقل أهمية من طغيان اللغة الثقافية الخطابية المضادة للهدف الحقيقي. مواجهة تلك اللغة لا تتطلب صبراً بقدر ما تتطلب جهداً إعلاميا كبيرا يكشف الحقائق ويقدم الإجابات الشافية لشرائح المجتمع. التكلفة الاجتماعية لا تنحصر في رعاية أسر الجنود والأسرى، بل تتعدى ذلك لتشمل الحفاظ على مكتسبات المجتمع الوطنية. ولعل أهم مكتسب هو السلم الأهلي، السلم الأهلي في حالة الحرب والصراعات المختلفة، يكون عرضة لضعاف النفوس ممن يقتات على المصائب وتزوير الحقائق، فيستغل الأحداث ومجرياتها لاستهداف طائفة أو تمرير أيديولوجيات فكرية معينة داخل المجتمع، ضارباً بالوحدة الوطنية واجتماع الكلمة عرض الحائط، وتلك كارثة خاصة في المجتمعات المتعددة مذهبياً وعرقياً. مواجهة مختلف التكاليف تتطلب جهودا متخصصة من أجل الحفاظ على السلم الأهلي الداخلي، ومن أجل الهدف الأسمى للحرب.