بين قرى مدينة بريدة السعودية، وبرودة شوارع مدينة لندن الإنجليزية، اكتملت تفاصيل قصة الدكتور عادل الطريفي، السياسي والمحلل ورئيس التحرير وخبير العلاقات الدولية، الذي تسلم بالأمس دفة مسؤولية قناة «العربية»، من سلفه عبدالرحمن الراشد، الذي يقترب منه في الصفات. خارطة الحياة العملية لدى الطريفي، لا تعترف ببوصلة الدول، ولا بتغير المسؤوليات، فقد بدأ حياته مهندساً في شركة بألمانيا، وسرعان ما ترعرعت موهبته وانتشت عقليته في معاقل اللندنيين المعروفين بالاحتراف الصحافي، وهناك صنع الطريفي المجد بقامة سعودية، أبهرت الإنجليز بالنجاح والتميز. حصل الطريفي على ماجستير العلوم السياسية وماجستير آخر في فلسفة الاقتصاد والسياسة الدولية في لندن عام 2009، ونال الدكتوراة مع مرتبة الشرف الأولى في العلاقات الدولية عام 2012 عن أطروحته «العلاقات السعودية الإيرانية». عشقت صفحات الرأي في صحف «الوطن» و«الشرق الأوسط» و«الرياض»، أنامل الطريفي، الذي أتحف القراء بمقالات فريدة في الشأن السياسي، وأطل الرجل من شاشات فضائيات عدة، ضيفاً ومشاركاً ومحللاً ومعلماً ورقماً صعباً على طاولة الحوار السياسي، وبدا وكأنه محور ارتكاز محترف، يقرأ الوقائع، ويتوقع الأزمات ويفندها، ويحلل بعقليته السياسية الأحداث، ويضع على الطاولة توصيات تهم من يهمه الأمر. سطّر وطوّر وعطّر مجلة «المجلة» اللندنية في عام 2010، عندما أعاد هيكلتها، ووضع بصماته وسماته على صفحاتها، فحوّلها إلى كيان متكامل من المعلومة والبحث والاستقصاء. بحثت صحيفة «الشرق الأوسط» الدولية عن شاب يمتلك حيوية الدافعية وانسيابية الفكر؛ ليتوغل في معاني السياسة وليوغل في ردهات أحداث الساعة، فخطبت ود الطريفي، الذي جاءها وهو يحمل في يده شهادات العلم، وفي عقله بشائر المستقبل.. جاءها بقلم سياسي يتواءم مع طموحات علو قامة الصحيفة، ونجح في تطوير المحتوى عندما تولي فيها منصب نائب رئيس التحرير، ثم رئيس التحرير. ووسط تساقط كبريات الصحف العالمية التي كانت تعلن خسائرها بجوار الطريفي يميناً ويساراً، ووسط سيطرة الإعلام الإلكتروني، قاد الطريفي سفينة الشرق الأوسط باحترافية كربان ماهر وساهر، وتمكن من إدخال تطوير فعلي للمطبوعة، وفتح ملفات ما وراء الأسوار، وأنجز عشرات الحوارات مع سياسيين وزعماء خرجوا للقراء ككتب مفتوحة على صفحات «الشرق الأوسط» بتوقيع الطريفي، الذي نشر كتباً في الصحيفة، تعكس فلسفتها وطريقة الكتابة فيها؛ إذ ظلت مرجعاً للتدريب الصحافي والكتابة لكل طواقم العمل الصحافي، ابتداءً من المتعاونين وانتهاءً بالمحترفين. المهمة الإعلامية الجديدة للطريفي، ليست سهلة، ولكن يبدو أن الرجل لن يرضى إلا بتكرار نجاحاته وتعزيزها، هذه المرة على شاشة «العربية».. وما علينا سوى أن ننتظر لنرى إبداعات الإعلامي الشاب.