بدأ عام هجري جديد مطلع هذا الأسبوع، حيث مضى على هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة إلى يثرب 1436 سنة، وقد أقر الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب التاريخ الهجري بعد مشاورات مع الصحابة، الذين اختار بعضهم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ليكون بداية التاريخ الهجري، وبعضهم اختار بعثة الرسول عليه الصلاة و السلام لتكون هي البداية، إلا أن عمر فصل في هذا الموضوع واختار هجرة النبي عليه الصلاة والسلام إلى يثرب هي بداية تأريخ المسلمين لسنواتهم، لأنها بالفعل هي البداية الحقيقية في مواجهة الوثنية ومشركي قريش، حيث لم تمض 8 سنوات من الهجرة إلا وقد فتح الرسول عليه الصلاة والسلام مكة، ودخل أغلب أهلها الإسلام. لم تكن هجرة الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم إلى يثرب، إلا بعد أن قاسى عليه أفضل الصلاة والتسليم أشد المقاومة من قومه، وقد زودنا القرآن الكريم بآيات نزلت في من وقف في وجه النبي عليه الصلاة و السلام أثناء دعوته في مكة، ولعلي أجدها فرصة مع بداية هذه السنة الهجرية الجديدة أن نعرض بعضا من المواقف التي تعرض لها الرسول عليه الصلاة و السلام في مكة أثناء دعوته، ونزلت فيهم آيات في القرآن الكريم يتوعدهم الله بالوعيد الشديد والخسران المبين. وأول الأشداء على الرسول عليه الصلاة و السلام هو «أبو لهب» وزوجته «أم جميل» حيث كانت تحمل الشوك وتطرحه في طريق رسول الله عليه الصلاة و السلام، فيجابهه القرآن بسورة كاملة هي سورة «المسد» «تبت يدا أبي لهب وتب…» كذلك أمية بن خلف يقف في درب الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم إذا مر به همزه ولمزه، فيندد به القرآن في سورة الهمزة «ويل لكل همزة لمزة …». أما أبو جهل بن هشام فكان يجابه الرسول عليه الصلاة و السلام ويقول له «والله يا محمد لتتركن سب آلهتنا أو لنسبن إلهك الذي تعبد»، فتنزل التعليمات من الله إلى النبي عليه الصلاة و السلام بقوله «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم»، وكان النضر بن الحارث بن كلدة يعقب الرسول صلى الله عليه وسلم في مجالسه فيحدثهم عن ملوك فارس وعظمتهم ويقول: «والله ما محمد بأحسن حديثاً مني، وما حديثه إلا أساطير الأولين اكتتبها كما اكتتبها محمد»، فيسخر به القرآن وينزل قول الله تعالى: «وقالوا أساطير الأولين، اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا»، ثم يندد به القرآن الكريم في قول الله تعالى: «ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها..» أما الوليد بن المغيرة فيتساءل فيقول: «أينزل على محمد وأترك وأنا كبير قريش وسيدها»؟!.. فيجيبه القرآن: «وقالوا لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم، أهم يقسمون رحمة ربك..» وأبي بن خلف وجد رفيقه عتبة بن أبي معيط يجلس إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ويستمع منه فيقسم ألا يكلمه حتى يأتيه ويتفل في وجهه، فيفعل ذلك عدو الله فيقرعه القرآن «ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا..»، هذه بعض من الشواهد التي حدثت لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أثناء بعثته في مكة، والأمر الذي جعله يقرر الهجرة من بلده مكة إلى يثرب.