"الصندوق السيادي، أو برنامج الادخار الوطني، تأمين للمستقبل، يُعزّز من قدرة الدولة على الاستمرار في الصرف، بالكفاية المطلوبة، على الاحتياجات والمتطلبات الضرورية للمواطن، في مجالات الأمن، والتعليم، والصحة، والبنية التحتية، والإسكان، والتوظيف، ونقل التكنولوجيا، وتطوير القدرات الإنتاجية للقطاعات المهمة في الاقتصاد الوطني". الكلام أعلاه، خلاصة مقترح د. خالد السويلم بإنشاء ما أسماه بالصندوق السيادي السعودي، يعمل بشكلٍ مستقلٍ كرافد لإيرادات النفط! وذلك وفق ما جاء في مقالٍ له نُشر قبل أسابيع قليلة! معتبراً إياه أداة استراتيجية ضرورية للمحافظة على المدخرات الوطنية، وتنميتها، عبر بوابة الاستثمار طويل المدى تحت هدف تنويع الموارد المالية للدولة! ويُفترض أن يتم تمويل هذا الصندوق السيادي، بنسبة مقتطعة سنوياً من إيرادات النفط! إلى ذلك حذَّر د. خالد السويلم من التباطؤ في اتخاذ قرار إنشائه، خاصَّة مع توفر فوائض مالية كبيرة، في هذه المرحلة! إذ قد يكون من الصعب مستقبلاً تحقيق الكثير من الطموحات والمتطلبات الضرورية بالكفاية المطلوبة، جرّاء الضغوط المتوقعة على الإنفاق الحكومي، والعجز في الميزانية الذي قد يصاحب ذلك! في تقديري أنَّ الاهتمام بهموم المواطن واحتياجاته، وضمان مستقبلٍ أفضل للاقتصاد الوطني، وزيادة فرص التشغيل والتوظيف والاستثمار، ومواجهة احتمالات تذبذب أسعار النفط، وعواقب ذلك الوخيمة على حياتنا الاقتصادية والمعيشية... كل ذلك يدعونا جميعاً لتبني هذا المقترح المهم، بإنشاء عدة صناديق سيادية، وليس صندوقاً سيادياً واحداً فحسب! لتعزيز التنويع في مواردنا المالية المتاحة! على أن يتم ذلك وفق استراتيجية تنمية واستثمار، تستند، إلى روح المبادرة، والجرأة والشفافية، وقبل هذا وذاك الإخلاص في العمل، والمصداقية، وصدق الانتماء والمواطنة! إنَّ من شأن إنشاء مثل هذه الصناديق السيادية، أن تساعد في محصلتها النهائية على تحسين نوعية الحياة للإنسان السعودي، على نحوٍ أفضل، بتوفير احتياجاته، ورعاية مصالحه، وتنمية قدراته، وتأمين مستقبله! لقد أكدتُ مراراً وتكراراً أنَّ إدارة عجلة التنمية والاستثمار، ينبغي أن يكون وفق معايير الجودة والكفاءة والشفافية والمهنية! بمعزلٍ عن العشوائية والتَّخبط والاضطراب في الرؤية والممارسة! وبأقل التكاليف الممكنة! بأدواتٍ وإدارات فاعلة، وحاسمة، وتفعيلٍ شاملٍ لأجهزة المحاسبة والرقابة المالية والإدارية، لمعالجة التجاوزات والأخطاء، وتضارب المصالح، وسوء استخدام الصلاحيات .. الخ . وبتوفر هذه البيئة الإيجابية يمكن أن تتحقق أهداف إنشاء مثل هذه الصناديق السيادية، بما يحفظ مواردنا المتاحة، وتنميتها، ويحدّ في الوقت نفسه من حالات التبديد النسبي لها! وتحميل خزينة الدولة المزيد من النفقات في غير محلها، ودون وجهتها المستهدفة. الجهة المُقترحة للقيام بمهام إدارة الصندوق السيادي، على الأقل في مرحلته الزمنية الأولى شركة أرامكو، لرصيدها المُتراكم الناجح في إدارة الاستثمارات المالية، في الداخل والخارج! ويبدو أنَّ هذا الترشيح يتماهى مع الاتجاه الغالب في هذه الأيام في اعتبارها اللاعب الاستثماري الرشيد، والرئيس، في منظومة الاستثمار الوطنية! مسك الختام: من المؤسف ألا يكون لدينا جهاتٍ استثمارية موازية، تعمل برشادة وعقلية واحترافية أرامكو! فالحصافة الاقتصادية تفرض علينا تعدد جهات وأدوات الاستثمار الوطني! نحن لا نطالب بعملٍ شفاف بالكلية، فهذا غير ممكن عملياً، حتى في أرامكو! ولكن المطلوب إدارة استثمارية واعية، تُحقق عوائد اقتصادية ومالية مُجزية، لخدمة حاضر الوطن ومستقبله!