لا يخفى على المتابع في وقتنا الحاضر التطور المستمر في طبيعة الاقتصاد العالمي، وظهور أنماط جديدة من التعاملات التجارية نتيجة لذلك. ونظراً لأن المحاسبة كمهنة منوط بها قياس وتقييم الأداء للمنشآت الاقتصادية، لغرض المساعدة في اتخاذ القرارات وتوجيه الموارد الاستثمارية، فقد كان لابد لها أن تواكب هذه التطورات، ولهذا الغرض تم انشاء الهيئات والمعاهد المحاسبية في دول العالم، لتكون مسؤولة عن وضع الإطار التنظيمي والتطبيقي للمهنة وتطويرها ورفع قدرات المنتسبين لها. إن الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين ورغم قصر عمرها الزمني نسبياً مقارنة بمثيلاتها في دول العالم الأخرى، إلا أنها تركت بصمة واضحة في مجال تطوير المهنة، ويكفي معرفة الحصيلة الوافرة من المعايير المحاسبية التي تم إعدادها ومراجعتها واعتمادها منذ نشأت الهيئة، حيث ساعد وضع هذه المعايير في توحيد المعالجة المحاسبية في المنشآت الاقتصادية المختلفة، مما مكن المهتمين من مقارنة النتائج للمنشآت المتنافسة في مجال النشاط الواحد. كما أن للهيئة جهودها الملموسة في مجال التدريب والتأهيل، يتمثل ذلك في عقد الدورات المؤهلة لاختبار الزمالة بالإضافة إلى برنامج التعليم المستمر وكذلك عقد الندوات والمؤتمرات، كما وضعت الهيئة القواعد اللازمة لمنح شهادتها للزمالة لمن تنطبق عليهم شروطها، والتي من ضمنها اجتياز اختبار الزمالة الذي تم تصميمه وتنفيذه وفق إطار شامل، يقيس مهارات المتقدم ليس في مجال المحاسبة والمراجعة وحسب، بل أيضاً حصيلته المعرفية في الأنظمة والتشريعات التجارية والضريبية والزكوية بالمملكة، ويتم عقد هذا الاختبار وفق إجراءات وقواعد أفادت من تجارب الهيئة المهنية العالمية التي تعقد اختبارات مماثلة للزمالة، وهذا أعطى ثقة كبيرة في شهادة زمالة الهيئة، دعت جهات مهنية عالمية مثل المعهد الأمريكي للمراجعين الداخليين (IIA) والمعهد الأمريكي للمحاسبين الإداريين (IMA) إلى إعفاء المتقدم لاختبارات الزمالة لديهم من أحد أجزاء الاختبار إذا كان من الحاصلين على زمالة الهيئة السعودية. إن الحصول على زمالة الهيئة يفتح آفاقاً واسعة للمحاسب على الصعيدين المعرفي والوظيفي، ويمثل نقلة احترافية في حياته المهنية، ولقد أدركت الكثير من الجهات الحكومية المتخصصة بالإضافة إلى القطاع الخاص حقيقة ذلك وأهميته، ما أدى بمعظمها لاعتبار الحصول على شهادة الزمالة أحد أهم المؤهلات المطلوبة فيمن يتقدم للعمل لديها، ليس هذا فحسب بل إن دولة خليجية مثل دولة قطر الشقيقة اعتمدت شهادة زمالة الهيئة السعودية كإحدى الشهادات المؤهلة لمن يرغب الحصول على ترخيص لمزاولة المهنة هناك. وأخيراً ومن خلال ما سبق، لا اعتقد أن زميل المهنة ممن لم يحظ بالحصول على هذه الزمالة من قبل، بحاجة إلى دعوة للحصول عليها، ودخول عالم الاحتراف. * محلل خطط وبرامج شركة أرامكو السعودية