تعدّ السيرة الذاتية مفتاح باب لما ترغب الوصول إليه، إلاّ أنّها فن ومهارة لا يتقنه الكثير منا، فنجد البعض يسرد بشكل ممل لما اكتسبه الشخص من خبرات وتجارب وما حصل عليه من دورات وشهادات قد لاتهم صاحب الجهة، بمجرد تفكيره بالتقدم إلى جهة معينة لطلب وظيفة أو تقديم على جائزة، أو مشاركة بمؤتمر، أو حتى لإدارة بعض الفعاليات، ويخطئ الكثيرون حين يكتبون سيرهم الذاتية على أنّها وصف لتسلسل زمني، من دون مراعاة اللغة المستخدمة في الوصف؛ مما يجعلنا نتساءل: ما هي أهمية السيرة الذاتية؟، هل هي بطاقة تعريف للفرد؟، أم هي المفتاح للوصول للمقابلة الشخصية؟، أم هي بمثابة النداء الذي يقول لصاحب العمل :"قم بتعييني، وليس إدراجي بين الملفات"؟، أم هي الأداة الأساسية التي تستخدمها لترويج نفسك لجذب انتباه صاحب العمل؟. يعتبر خبراء كتابة السيرة الذاتية أنّ اللغة المستخدمة لديها تأثير على فرص الحصول على وظيفة مساوٍ للخبرة نفسها الموصوفة إن لم تكن أكثر، فكثير ممن لديهم خبرة كبيرة فشلوا في الحصول على وظيفة؛ بسبب سوء كتابة السيرة الذاتية، والبعض الآخر يكتب سيرته الذاتية "أي كلام"، خصوصاً طلاب الجامعة الباحثين عن عمل، فأحياناً يحتار الشخص منا في معرفة أو تشخيص خبراته، وبهذا يفقد أهم ميزة تنافسية له في السوق "الخبرة"، فبعض العاملين المخضرمين لديهم تجارب كثيرة لكن لا ينتبهون إليها، وكذلك الخريج الجديد أيضاً، فالخبرة تعدّ تراكماً للتجارب عبر استخلاص العبر التي تتحول على المدى الطويل إلى خبرة، أي أنّ الخبرة ليس سرداً لمجموعة تجارب فقط، بل يجب أن يتم فهم تلك التجارب وتحويلها إلى مخزون معرفي أيضاً، فلا تتحول التجارب إلى خبرات، إلاّ بفهم التجارب وربطها ببعض واستخلاص العبر منها. صياغة الخبرات وذكر "حسن آل عمير" -مدرب التنمية البشرية-أنّ الخبرة هي الاسم الجامع للتجارب، فتكتب على شكل عنوان رئيس، وتحتها يتم تفصيل التجارب المتعلقة، ومن المهم التفصيل في صياغة الخبرات والتجارب، خاصة الخبرات التي ترتبط بشكل وثيق بالوظيفة المراد التقدم إليها، موضحاً أنّ الأفضل أن يبدأ الشخص بكتابة سيرته الذاتية أولاً بذكر المعلومات الشخصية من الاسم، وتاريخ الميلاد، والجنسية، والحالة الاجتماعية، والعنوان، وأرقام الهواتف، والبريد الالكتروني، وعنوان صفحة الويب الشخصية، ثم ذكر المؤهلات الأكاديمية، كالتاريخ، واسم المؤهل، والتقدير -إذا كان عاليا-، والمؤسسة التعليمية، والمكان، يعقبها التطرق للخبرة الوظيفية، وتكون عبارة عن الفترة التي بدأ فيها العمل، والوظيفة، والمهام الوظيفية، كما تشمل الخبرة الوظيفية الوظائف التي تحتاج تفرغا كاملا، أو التي لا تتطلب تفرغا كاملا والتدريب العملي والصيفي. ولفت "آل عامر" إلى أهمية سرد الدورات التدريبية بإيجاز، والأنشطة، والمهارات، مثل: اللغة، ومهارات الكمبيوتر والطباعة، وأي معلومات قد تنال إعجاب صاحب العمل، منوهاً بعدم جدوى ذكر الهوايات، أو إن كنت العائل الوحيد لأسرتك، أو أنك تعبت في البحث عن وظائف، فلا يجب أن ينسى الشخص أنه تقدم لشركه وليس لدار خيرية أو مؤسسة رعاية اجتماعية!، محذراً من العبارات والاختصارات الغامضة، وكتابة الأجور التي كان الشخص يحصل عليها من وظائفه السابقة، مفضلاً تأجيلها الحديث فيها إلى المقابلة الشخصية، مؤكّداً على أنّ قضاء المزيد من الوقت في إنشاء السيرة الذاتية هو استثمار رائع في المستقبل، فلا يجب على الشخص التردد، وعليه أن يطلب على الأقل من شخصين آخرين أن يراجعا سيرته الذاتية بعد طباعتها. فن وموهبة وقالت "نسرين القرشي " -مدربة موارد بشرية-"البطالة مشكلة وأزمة تعم العالم كله، وليس الوطن العربي فقط، فتضاعف التنافس والتزاحم من قبل عشرات المتقدمين على الفوز بوظيفة معينة، وأصبح سوق العمل في الوطن العربي والعالم بأسره له متطلباته، وشروطه، واحتياجاته، فعدد الوظائف المتاحة قليلة بالمقارنة إلى كمية الطلب، فكم من متقدم لوظيفة لا ينقصه مؤهلات علمية، أو خبرة عملية، أو سيرة ذاتية مشرفة، وربما تنطبق الوظيفة على كل مؤهلاته وخبراته، ولكن وبالرغم من كل ذلك فهو لا يفوز بها، حيث إنّه لم يستطع أن يكسب ثقة من يقرأ السيرة الذاتية، أو يجرى معه المقابلة الشخصية، وعادةً من يفوز بهذه الوظيفة هو من يعرف كيف يقدم نفسه جيداً، ويظهر إمكاناته، ومهاراته، وخبراته، بشكل ذكى وجذاب، من دون زيادة أو مبالغة، وهذا في حد ذاته يعتبر فنا وموهبة، حيث يستطيع أن يكسب اطمئنان وثقة من يقرأ السيرة الذاتية الخاصة به، أو من يجرى معه المقابلة الشخصية المؤهلة لهذه الوظيفة". عيوب السيرة وأضافت "نسرين": "من العيوب نسيان المتقدم الغرض من كتابة السيرة الذاتية والإسهاب في الكتابة، وكأنّه موضوع إنشاء ذي فقرات كبيرة مليئة بالمعلومات، يجب أن نتنبه إلى أنّ من ينظر ويطلع على السيرة الذاتية قد وصله كثير منها، ولا يملك الوقت لقراءتها كلها، ويجب مراعاة أن لا تتجاوز السيرة الذاتية الصفحتين بأي حال من الأحوال، وترك ما هو أقل أهمية من معلومات في الصفحة الثانية، كما يجب التركيز فيما يريده صاحب العمل وليس ما تريده أنت، وتأكد من أنّ السيرة الذاتية التي كتبتها تفي بالغرض المطلوب، خاصةً متطلبات الوظيفة، وتسجيل أبرز ما لديك من مهارات، وخبرات، وإمكانات، وكيف تتناسب مع الوظيفة الخاصة التي تتقدم لها، واعرضه بطريقة تلفت النظر إليك". وظائف متعددة وأشارت " نسرين" إلى أنّ هناك نوعيات ووظائف جديدة في سوق العمل لم تكن معروفة من قبل، والأغلبية العظمى منها يعتمد على المعرفة بالكمبيوتر، الذي أصبح شيئاً أساسياً في كل الأعمال، حتى في استخدامه من قبل الأطباء وإجراء العمليات للمهندسين في تجميع الكمبيوتر وصيانته، وما يترتب على ذلك من العمل في مجال الكمبيوتر من برمجة، وتعلم التطبيقات المختلفة، التي تساعد في أداء الأعمال، مثل (Word) و(Excel) و(Access)، وأيضاً برامج تصميم "الجرافيكس"، كما ظهرت أيضاً أعمال التسويق بكثرة نتيجة للكساد ولمحاولة تسويق المنتجات والخدمات أيضاً بالأسواق، ناصحةً بكتابة أهم الأشياء تحت عناوين محددة، وفى نقاط تحت كل عنوان؛ حتى يسهل استنباط ما بها بسرعة بسهولة، مثل: التركيز على أهم النقاط التي تتفق مع متطلبات الوظيفة، وما ينطبق على المتقدم منها، سواء من خبرة سابقة، أو دراسة، أو مواهب، أو تدريب ومهارات.