كنت في زيارة عمل لإحدى مؤسسات القطاع الخاص. حضرت في الصباح الباكر مع بدء ساعات العمل وقبل وصول بعض الموظفين. لم أتمكن من إنهاء إجراءات المعاملة التي جئت من أجلها بسبب تأخر أحد الموظفين سألت المدير، هل الموظف المتأخر سعودي؟ فقال، مع الأسف نعم. وجدتها فرصه لفتح حوار معه حول السعودة. سألته عن أحوال السعودة لديهم. قال لي إن النسبة معقولة ولكن هناك بعض المعاناة. سألته: مثل ماذا؟ فقال: مسألة الانضباط عليها أكثر من علامة استفهام. وأضاف، أحياناً يلتحق لدينا بعض المتدربين السعوديين في برنامج تدريبي ولكن التزامهم بالحضور غير جيد. قلت له: هل يعني هذا ان اللوم لا يقع على القطاع الخاص في توظيف السعوديين. قال: نعم سألته: كيف تفسر نجاح السعوديين في بعض المؤسسات مثل البنوك؟ أجاب: ربما يرجع السبب إلى معايير وشروط التوظيف، وكذلك الرواتب والحوافز. قلت: وماذا عن التقييم، والثواب والعقاب؟ قال: ماذا تقصد؟ قلت: لماذا ينضبط السعودي في جهات معينة ويتسيب في جهات أخرى؟ أليس لكل جهة عمل سياسات وأنظمة تطبق على الجميع؟ قال: نعم، هذا كلام صحيح ومثالي ولكنه في التطبيق لا يتحقق. قلت: هنا تكمن المشكلة. الفرد ينضبط في المنظمة المنضبطة، إذا كان لدى الفرد سلوكيات تميل إلى التمرد على الأنظمة فإنه سيتوقف إذا عمل في بيئة يسودها النظام والجدية والعدالة. قال: وجود الأنظمة واللوائح وتطبيقها لا يكفي، الحل الجذري يبدأ من مخرجات التعليم والتدريب. وأستطيع القول من تجارب سابقة أن من يتوفر لديه تعليم جيد وتدريب مناسب لطبيعة العمل، ثم يوضع في الوظيفة المناسبة فإنه في الغالب سوف ينجح مهنياً وسلوكياً. قلت: أتفق معك، وأضيف إلى ما ذكرت نقطة مهمة وهي أهمية الثقة والتقدير والإثراء الوظيفي وتعزيز الاتجاهات الإيجابية عن طريق تنمية الانتماء من خلال المشاركة وإشعار الموظف بأنه عنصر مهم في المنظمة مها كان مستواه الوظيفي. مشكلة بعض المديرين هي الانطباع الاستباقي الذي يحكم على المواطن بالسلبية قبل التجربة ويقابله منذ البداية مقابلة لا تنم عن الثقه بل قد ينتج عن هذه المقابله توقعات غير إيجابية كأن يقول له(( أرجو أن تثبت لي انك تختلف عن السعوديين الآخرين، نحن نعاني من عدم الانضباط)) لا شك أن هذه بداية سلبية وغير مشجعة وحيث ان البداية لها تأثير كبير في حياة الإنسان بشكل عام وفي مساره الوظيفي بشكل خاص فقد يكون من المناسب إيجاد وحدة إدارية أو لجنة في منظمات العمل تكون مهمتها استقبال الموظف الجديد وتهيئة الظروف المناسبة والمشجعة من الناحيتين النفسية والمهنية وإشعار هذا القادم الجديد بأنه أحد أفراد الأسرة مهما كان مستواه الوظيفي أو طبيعة عمله. سؤال المقال: هل المدير الذي تحاورت معه سعودي أم غير سعودي وهل لجنسية المدير تأثير مباشر أو غير مباشر في قضية السعوده؟