سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استقالة قاضية المحكمة العليا الأمريكية «اوكونر» بمثابة صاعقة للديمقراطيين ومفاجأة للجمهوريين عينها الرئيس ريغان.. وصفها بوش بال «حصيفة وحية الضمير» ولم يختلف عليها أحد من أعضاء الحزبين
أيقظت استقالة القاضية الأمريكية ساندرا داي أوكونر نيرانا خامدة كان الحزبان الديمقراطي والجمهوري يخمدانها الى حين اشعالها عندما تحين الساعة. والساعة التي كان يتربص لها المتنافسان اللدودان هي تقاعد رأس هذه المحكمة المخضرم ويليام رينكويست ولم يكن في الحسبان أن يسبقه أحد أخر من قضاة المحكمة التسعة الى مغادرتها خاصة وأنه يعاني من مرض السرطان وبلغ من العمر عتيا 80عاما. وجاءت استقالة أوكونر التي كانت أول امرأة تعتلي أحد مقاعد المحكمة الأمريكية العليا (المرجع الأخير لنزاعات الأمة والحارس الأمين على الدستور) بمثابة صاعقة للديمقراطيين ومفاجأة للجمهوريين. فقد كانت أوكونر الصوت المحافظ باعتدال والليبرالي بتحفظ والحكم الذي يمشي على حبل مشدود يحفظ القيم ويحمي الحريات واليه يتطلع الحزبان عندما تحتدم أي معركة بينهما تحال الى ميزان المحكمة. وليست استقالة أوكونر بالحدث العادي لتقاعد أو تنحي أحد قضاة هيئة المحكمة العليا بل هي طي لفصل من التاريخ الأمريكي سطرت فيه هذه السيدة صفحات حاسمة ظلت منارات هداية في كثير من متاهات الجدل التي واجهها الشعب الأمريكي. فقد كان تعيين الرئيس الأسبق رونالد ريغان لها عام1981عضوا بهيئة المحكمة العليا بمثابة ثورة في تقليد عمره 200عام كونها أول امرأة تتبوأ هذا المكان وهذه المكانة في سدرة العدالة الأمريكية. ولادراكها لجلال المسؤولية وتطلع الأنظار اليها فقد أمسكت أوكونر بعصا العدل من المنتصف حيث تمسكت بمبادئها المحافظة لكنها لم تشأ أن تجور على الحريات أو الحقوق العامة التي أحيانا ما يغفلها المحافظون في خضم شطحات تطرفهم. فكان صوتها هو المرجح لحكم يسمح للذكور بتعلم التمريض الذي كان قاصرا على الاناث ايمانا منها بأن المساواة التي يتشدق بها الغرب ليلا ونهارا لاتتجزأ. ولم ينتقص تصويت أوكونر لفوز بوش في الانتخابات الرئاسية عام 2000من احترام الديمقراطيين لها على الرغم من أنها كانت الصوت الذي رجح اهداء الفوز للرئيس المحافظ. وكانت أيضا الصوت المرجح في تصويت أعضاء المحكمة العام الماضي على قرار يقضي بأنه لايحق للحكومة أن تمنح سلطات الأمن والمخابرات السلطة المطلقة في احتجاز المشتبه في علاقتهم بالارهاب لأجل غير مسمى دون محاكمة أو تحرير. وكان رأيها تاريخيا في قضية حاسمة انقسمت الأمة بشأنها ومثلت أحد الفواصل بين الفكر المحافظ والليبرالي عندما رجح صوتها حكما يقضي بحرية الاجهاض ويمنع محاكم الولايات من تحريمه أو تجريمه. وأكدت أوكونر في حيثيات هذا الحكم الصادر عام 1989 ضرورة الالتزام بالحكم الدستوري الذي أصدرته المحكمة عام 1975 الذي يمنح المرأة الحق الدستوري في الاجهاض. ولم تتزحزح عن مبدئها في حكم آخر صادر عن المحكمة عام 1992 يؤكد هذا الحكم معتبرة في حيثياتها أن القاعدة هي الحق في الاجهاض وأن الاستثناء هو منعه فقط اذا كان ينطوي على خطورة تهدد حياة أو صحة الأم. وكان واحدا من آخر مواقفها الأسبوع الماضي عندما رجح صوتها قرارا يرفض حكم الاعدام ويحذر محاكم الولايات من أن الدفاع الصوري الذي توفره للمدعى عليه لن يكون مقبولا. وجاء آخر قرار لها منتصف الأسبوع الماضي الى جانب الأقلية برفض منح الحكومة الحق في مصادرة الأراضي أو العقارات الشخصية لاقامة مشروعات عامة مؤكدة في رأيها المكتوب أن هذا يزيد القوي سلطة وسطوة ويجعل شبح المصادرة يخيم على كل الممتلكات ولايمنع الحكومة من هدم أي بيت من أجل اقامة متاجر للتسوق أو ازالة مزرعة من أجل بناء مصنع. وكانت أوكونر واحدة من القضاة القلائل في تاريخ البلاد الذين حظوا بعد ترشيحهم من الرئيس باجماع مجلس الشيوخ اذ حازت قبول جميع الأعضاء ال ,99. وقالت اوكونر في خطاب استقالتها الذي أرسلته باليد الى الرئيس بوش الجمعة انها وبعد أن بلغت من العمر 75 عاما وأمضت 24مدة في المحكمة العليا فانها تغادر مع كل الاحترام والتبجيل لنزاهة المحكمة ودورها الذي تضطلع به بموجب الدستور. ووصفها بوش في كلمة ألقاها بحديقة البيت الأبيض بأنها قاضية حصيفة وحية الضمير وخادم لوطنها اتسم بالنزاهة الكاملة. ولم يختلف عليها احد من اعضاء الحزبين الذين تسابقوا بالأمس في تعديد مناقبها لكن الديمقراطيين كانوا يذيلون ديباجة المدح بالتحذير مما هو آت مطالبين جميعا بمراعاة ألا يقل من يخلفها ممن سيرشحهم الرئيس نزاهة واعتدالا عن أوكونر. واكد السناتور ريد ضرورة ان يرشح بوش صوتا جديدا يتسم بالاعتدال وباعلاء الحريات وتبجيل الحقوق المكتسبة للأمة.. من جانبه طمأن السناتور الجمهوري جون ماكين الامريكيين بأنه على ثقة من ان بوش سيرشح قاضيا محافظا. وقال السناتور الجمهوري كاي هتشنسون انهم يريدون ان تبدأ المحكمة عملها بكامل اعضائها في الاثنين الاول من شهر اكتوبر القادم دون عراقيل من قبل الديمقراطيين في التصويت على المرشح الجديد. وقال السناتور الجمهوري جون وارنر انه على الرغم من رغبته في ان تحل امرأة اخرى محل اوكونر الا ان هذا لايبدو انه سيحدث هذه المرة. وقد حاول بوش ان يدرأ منذ البداية أي محاولات من قبل الديمقراطيين لتعطيل التصويت على أي مرشح يتقدم به فبادر بالاتصال بقيادات مجلس الشيوخ من الحزبين وبرئيس اللجنة القضائية الجمهوري ارلين سبكتر لكن لم يكشف حتى الآن عن أي أسماء مرجحة للترشيح. وليس من المنتظر ان يتقدم بوش بأي مرشح قبل عودته من اوروبا حيث يقوم يوم الثلاثاء القادم بزيارة للدانمارك ويتوجه بعدها الى جلين ايجلز في اسكتلندا لحضور قمة الثمانية التي ستعقد على مدى يومين برئاسة بريطانيا اعتبارا من 7 يوليو. وتتأرجح التكهنات حول الترشيحات المتوقعة من المدعي العام البرتو جونزاليز الى قضاة المحاكم الفيدرالية جيمس ويلكنسون واميليو جارزا ومايكل ماكونيل وصامويل اليتو وجون روبرتس ومايكل لوتيج. ولاينتظر ان تبدأ جلسات الاستماع والتداول حول أي مرشح جديد قبل اغسطس.