أشعر أننا بحاجة إلى إشاعة ثقافة التفاؤل،، والنظرة المشرقة للنفس وللآخرين،، والأهم من ذلك أن نعيش التفاؤل مع الوطن وننظر إلى المملكة كزهرة ندية في قلب الصحراء، أن تكون زهرة حب وعشق في قلوبنا. إنني أدعو إلى ذلك بمناسبة اليوم الوطني لهذا العام 1433ه، والذي يحل علينا والبلاد والحمدلله تعيش أجواءً وثابة نحو المستقبل، فلنعش اليوم الوطني بسعادة وزهو مستشعرين منجزات الوطن،، بعيدين عن ثقافة الإحباط التي تسهم في التقليل من المنجزات الوطنية،، وتهمش المسيرة التنموية لهذه البلاد. إن المرء ليستغرب من وجود أناس لا هم لهم إلا إشاعة الإتكالية والدفع إلى الخمول والكسل،، وتأجيج الإحساس بالظلم في غير وجوده، وما يرتبط به من الإحساس بالتمييز وتقليل الشأن، إن هذه المشاعر تعتبر محركات لثقافة الإحباط. حيث يؤكد علماء النفس أن الإحباط هو أول الطريق المؤدي إلى السلوك العدواني، طريق يجتمع فيه الإحباط مع اليأس، فيدخل الإنسان في دائرة مظلمة من تشوش الفكر وضبابية الرؤية، وصولاً إلى دائرة أضيق من التشاؤم التي تدفع إلى حالة من عدم التوافق النفسي، ومن ثم ظهور السلوكيات العدوانية. إن ناشري ثقافة الإحباط يستهدفون عادة أصحاب القلوب الضعيفة والنفوس المذبذبة والأفئدة التي ضلت الطريق، فيجدوا فيها ضالتهم المنشودة فيصبون فيها حمم الزيف والضلال، ويؤججون داخلها التمرد على الأمن والاستقرار، فيلطخون كل بناء جميل، ويسحقون كل غرس طيب. إن الخروج الآمن من ثقافة الإحباط لن يتم إلا بإشاعة ثقافة التفاؤل والبشرى، فالتفاؤل هو قوى الدفع للمجتمعات، والحافز على العمل والإبداع، والدافع للنشاط والإنتاج، وصناعة التفاؤل ليست بالأمر السهل، وليست عملاً يتم في اتجاه واحد، بل هي منظومة من القيم والأدوار التي يجب على الأسرة والمؤسسات التربوية والمؤسسات الإعلامية نشرها وغرسها في نفوس الأبناء والطلاب وكافة فئات المواطنين. لا شك أن الحياة حافلة بالتحديات والمصاعب لكل الناس ولجميع المجتمعات، والمحك الحقيقي هو رد فعل الإنسان على هذه التحديات والمصاعب، فمن الناس من يستسلم لها ويملؤه الإحباط ويسكته اليأس، ومن الناس من يحول العثرات والعقبات إلى سلم يصعد به إلى النجاح، فلولا تفاؤل المسلمين الأوائل وبشراهم ويقينهم بأن نصر الله قريب، ما كان نصرهم في غزوة بدر، فقد كانت معطيات الواقع تنذر بأن الهزيمة واقعة؛ لكن النفوس المؤمنة التي يملؤها التفاؤل ويحدوها الأمل، وتحركها البشرى هي التي انتصرت، وما الزمن ببعيد حينما خرجت ألمانيا واليابان من الحرب العالمية الثانية بالهزيمة والانكسار، يسيطر عليهما الإحباط ويخيم عليهما اليأس، فاستطاعتا بهمم الرجال، وقوة الآمال أن يحولا الهزيمة إلى نصر، والإحباط إلى تفاؤل، واليأس إلى بشرى. لذا لابد من إطلاق الدعوات لفهم الحياة بشكل أكثر واقعية، ومواجهة تحدياتها وعقباتها بالصبر والإرادة والعزيمة، بتطوير أنفسنا والاستعداد للمستقبل مؤمنين بقدراتنا وإمكاناتنا وواقعية ومنطقية طموحاتنا، آخذين بالأسباب، ننظر للحياة بإيجابية وتفاؤل. الواقع أننا نستطيع القيام بعمل ممنهج للوقاية من ثقافة الإحباط يأخذ في اعتباره دور الأسرة، ودور المؤسسات التعليمية، وكذلك المؤسسات الإعلامية في إشاعة روح التفاؤل والطموح والإعلاء من قيمة الوطن والفخر بمنجزاته،، دعونا نعيش حالة من الحب والتوحد مع الوطن،، ومع رموزه،، فكل الود والحب لخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله ورعاه-، ولولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله ورعاه- وللأسرة السعودية المالكة، وللشعب السعودي الوفي. * أستاذ علم النفس المساعد- عميد البرامج التحضيرية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية