يتملكك شعور غريب منذ أن فتحت عينيك في الصباح، أنت غير مرتاح لا تبتسم لست بنشيط تشعر وكأن هناك خبرا غير سعيد ينتظرك، لا تدري هل هذ الشعور سببه كابوس ليلي لا تتذكر تفاصيله أم أمر مختبئ في الذاكرة أصررت على تغييبه لكنه يبقى هناك يتحرك يطل بين لحظة وأخرى يتحكم في شعورك العام بدون أن تحدده كمصدر. تجد نفسك على وشك الانفجار، تخبط ركبتك بطرف السرير، تنسى أين وضعت محفظة نقودك، بقعة قهوة سكبت على ملابسك فتضطر لتغييرها مما يجعلك تتأفف فها هو روتينك اليومي يتغير مساره الرتيب بسبب كوب قهوة! تتأخر قليلا عن موعدك اليومي للخروج للعمل وأنت تكره التأخير وتكره الزحام وحفريات الطرق وهذا الذي لا يفتأ يزعجك بمنبه سيارته وكأنك المسؤول عن الإشارة الحمراء، وتضايقك كاميرا ساهر وتزعجك المطبات والحفر التي تظهر فجأة ولا تختفي وحرارة الصيف التي جاءت قبل أوانها متزامنة مع الغبار. رحلتك اليومية للعمل لا تعطلها فقط زحمة السيارات المتكاثرة بل تراكم أحداث مختلفة، وها أنت أخيرا في الطريق متذمرا من يومك الذي لم يبدأ بعد والذي تغيرت معالمه التي تعودت عليها، يزداد الطريق زحاما وتتوالد الإشارات الحمراء التي تعاندك في هذا اليوم، وأنت يسيطر عليك التذمر، فتأخير نص ساعة سيمتد إلى ساعة مما يعني أن يومك سيكون طويلا، الطريق في حالة توقف كامل، تخرس الردايو فصوت المذيعة والمواضيع التي تختارها تزيدك غضبا، لم يعد شيء يسليك فقط تريد الخروج من هذه الزحمة. تبحث عن شارع جانبي تهرب إليه، تنتظر الفرصة كي تتحرك من مسار لآخر، تدخل لأول شارع جانبي وتتحرك وأنت تتنفس الصعداء، لكن هاهي سيارة أمامك تسد الطريق بعد أن اصطدمت بأخرى. تقف متذمرا، فقد خرب يومك وكأن كل حياتك متوقفة على هذا اليوم أو هذه الساعة وكأن الروتين الذي تتذمر منه دائما يريد أن يعاقبك بتغيير مفاجئ شامل، تمسك بالجوال وأنت تتحدث مع زميل لك متشكيا، فأنت محاصر ولا تستطيع أن تتحرك. ذهنك تسيطر عليه كل الأفكار السلبية التي تترجمها نظراتك وجملك المقتضبة حين ترد على الاخرين، متناسيا أن هذا الحادث وهذه الزحمة ربما تكون سببا يمنعك أو يبعدك عن شر أكبر، وتنسى أنك لست وحدك المتضرر من الزحام أو حادث عطل الطريق ويعميك غضبك عن حقيقة أنك لم تكن طرفا فقد حياته أو صحته في هذا الحادث! هكذا نحن في تعاملنا مع أحداث حياتنا في بعض الأحيان، نغضب، نجزع، نيأس، نتضايق، نبالغ في ردة فعلنا نحو الأشياء البسيطة التي تحدث لنا أو تمر بنا. عقولنا عاجزة عن رؤية الصورة كاملة لذلك نفشل أحيانا في التعامل مع هذه الأمور العادية ونفقد أعصابنا، ونخسر كثيرا من راحة البال.