تتعامل المملكة مع القضايا العربية بمواقف الرجال النبلاء، ولغة فرسان الصحراء الذين يجيدون المواجهة الشجاعة، والحسم الجريء، وبالتالي صناعة المصائر التي تتوق إليها الشعوب، ويحلم بها الإنسان كأهداف وغايات تحرره من استبداد الطغاة، وجبروت المخابرات، وإلغاء إنسانيته ككائن بشري يرنو إلى الحرية والكرامة، ويناضل في سبيل عيش كريم، ويسعى إلى تخطي معوقات الجهل، والفقر، والمرض، ويشارك في صياغة مستقبلاته كإنسان حر، ومواطن فاعل منتج مشارك، لا رقماً في تعداد قطيع يُساق إلى الساحات هاتفاً بحياة الزعيم/ الصنم، ممجداً لمواهبه الخارقة، ومعجزاته، وكراماته، مسبحاً بفضل الأجهزة المخابراتية التي تجيد سحق الأجنة في بطون أمهاتهم، وتتفنن في تشييد الأقبية، والزنازين، وأدوات القهر والتعذيب. تأتي مواقف المملكة نابعة من إيمانات بإرث الشعوب من الفكر والثقافة والتنوير، ونضالاتها في صناعة التاريخ والجغرافيا والمعرفة التي هي أطر وضعت الأمة في مسارات استشرافية من العمل والإنتاج والمساهمة في توجيه بوصلة الرؤية نحو التأثير في الحضارة الأممية، ومنجز الحداثة، ومواكبة المتغير والمتحول في الفهم والسلوك والتفكير. وتأتي هذه المواقف دائماً واضحة وصريحة ومدوية تأخذ أبعادها ومساحاتها في الضمير الإنساني، لأنها نابعة من أخلاقيات متميزة، وطموحات متفوقة تسكن النفس بكثير من الهم، والمسؤولية تجاه الإنسان العربي، ومخزون التطلعات بأن يمتلك البشر كل مضامين الحرية، والعدالة، والحق المشروع في امتلاك التعليم، والطبابة، والعمل، وحرية الرأي، والانخراط في العمل الاجتماعي، والتحرر من الاضطهاد، والقهر، والتهميش، واغتيال أحلامهم في تكوين فضاء مثمر من العطاء والخلق والإبداع، بفعل الخوف والرعب من أجهزة المخابرات، وهمجية "الشبيحة" والعالم السفلي. إذن: المواقف الأخلاقية، والمنطلقات العروبية، والإحساس بعذابات الشعوب، وقهر الإنسان، والتوجه إلى تكريس واقع متغير، ومفاهيم جديدة في وسائل التعامل مع الشعوب كثروة، وقيمة، وبقاء، وامتداد، انطلق منها الفارس الشجاع سعود الفيصل بن عبدالعزيز، وصرخ بأعلى صوته في مؤتمر "أصدقاء الشعب السوري" المنعقد في تونس قائلاً: - إن النظام السوري فقد شرعيته، وبات أشبه بسلطة احتلال. - ما هو مطروح كمن يريد أن يسمّن الفريسة قبل أن يستكمل "الوحش" الكاسر افتراسها. - لا سبيل للخروج من الأزمة السورية إلا بانتقال السلطة طوعاً أو كرهاً. - لا يمكن لبلادي أن تشارك في أي عمل لا يؤدي إلى حماية الشعب السوري النبيل بشكل سريع وفعال. موقف واضح ومتقدم وصريح، وصرخة ضمير عروبي إلى ضمير العالم تجاه بطش الآلة العسكرية بشعب يموت يومياً، ومن لم يمت فهو في انتظار الموت غداً، وأمام هذا المشهد المأساوي للموت فالمملكة لا تقبل أن يتحول العالم إلى حفاري قبور، أو متعهدي صدقات لشعب نبيل حر أسهم في صناعة الحضارة العربية، ونشر الوعي، ومنتج المعرفة عبر آلاف السنين، واليوم يستباح كرامة وعرضاً وحياة بشراسة الحقد الأسدي، وأجهزة مخابراته.