يشكل قصر السقاف معلماً حضارياً بمكةالمكرمة لما يمثله من أهمية تاريخية، حيث يقع القصر في حيّ المعابدة "الجميزة شارع الأبطح"، وهو أحد أقدم المباني الاثرية ويمثّل التّصميمات المعماريّة التّقليديّة بالأسس الفنّيّة ويحمل الطابع المعماري الإسلامي لاحتوائه على كثير من العناصر الفنية والزخرفية الإسلامية الفريدة. وهو مبنى كبير يتكوّن من عدة طوابق، وباب المدخل الرّئيسيّ واقع في وسط القصر، كما أن هناك مداخل أصغر، بالإضافة إلى الباب الرّئيسيّ في الشّمال، وفي الرّكن الشّماليّ الشّرقيّ وهناك ملحق اضيف في عهد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - معد لمراقبة برج الحصن وهو برج للدّفاع وبه فتحات مستطيلة للمشاهدة. موقع القصر ومكوناته يقع القصر خارج مكةالمكرمة من الناحية الشمالية الشرقية، ثم أمتد إليه العمران وتجاوزه بكثير، ويعرف هذا الحي الذي بني فيه القصر باسم "حي المعابدة" والجميزة. ويتكون هذا القصر من مجموعة من القصور والوحدات السكنية ومباني الخدمات الخاصة بالقصر، مشكلاً بذلك مدينة غير مسورة، وبنيت في فترات تاريخية مختلفة تبدأ بعام 1346ه، وتنتهي بأواخر عهد الملك عبدالعزيز، مع ملاحظة أن بعض هذه المباني يرجع تاريخها لما قبل عهد الملك عبدالعزيز، وبعضها بني بعد وفاته. وقد أقيمت هذه القصور والمباني، والوحدات السكنية على مساحة تقدر ب 2500م2 تقريباً، يفصل بينها شارع القصر الملكي الذي يطلق عليه مسمى (شارع السقاف)، ويحدها من الشمال والغرب شارع أم القرى، ومن الجنوب حي الملاوي، ومن الشرق شارع الملاوي. ويعتبر القسم الجنوبي الأقدم تاريخياً والأكبر حجماً إذ بنيت فيه معظم القصور الملكية، بما في ذلك قاعات استقبال الرؤساء والملوك وكبار ضيوف الملك عبدالعزيز من سفراء وقناصل الدول العربية والإسلامية، ورؤساء بعثات الحج، وكبار الحجاج، والمواطنين أما المبنى الواقع في الجهة الشرقية من هذا القسم يعود تاريخه لما قبل عهد الملك عبدالعزيز، والمباني الواقعة في الجزء الأوسط فقد بنيت في عام 1346ه 1927م ومقدمتها مطلة على شارع القصر الملكي أما السقاف حالياً فبنيت في أواخر عهد الملك عبدالعزيز، وكذلك قصر الملك سعود الواقع في القسم الشمالي، حيث تتميز المباني التي بنيت عام 1346ه 1927م بشرفاتها المتعرجة التي تنتهي بشكل نخلة، وأشكال الشابورة في سترة أسطحها، ومزاغلها (شقوقها السهمية)، وسقاطاتها نصف البرميلية، وأفنيتها المتعددة، وعقودها النصف دائرية، والموتورة. ويستند تخطيطها على صحن مكشوف في الوسط تطل من جوانبه الأربعة الكثير من المجالس وقاعات الاستقبال، والغرف، كما يوجد مسجد في أحد القصور الواقعة وسط القسم الجنوبي، حيث يتم استغلال إحدى الغرف الواسعة بعمل محراب جداري فيها. أما واجهة القسم الجنوبي، وكذلك قصر الملك سعود فطرازهما المعماري واحد، حيث تتميز الواجهات فيها بعقودها المدببة ومداخلها الفخمة، وأعمدتها الشاهقة، وشرافاتها المثلثة، واستخدام الزخرفة الهندسية المعروفة باسم مسدس خاتم في السياج الرخامي في الشرفات "البلكونات". ملكية قصر السقاف وتعود ملكية هذا القصر لأحد أبناء محمد بن عمر السقاف وقد اشتراه ب 2500 ريال فرنسي، وكانت أسرة السقاف من الأسر الثرية، التي تملك ثروة ضخمة وقد أُنفقت معظم هذه الثروة في إنشاء أبنية بديعة في مكةالمكرمةوجدة والمدينه والطائف، ثم اشترى الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - عدداً منها لاستعماله من أسرة السقاف. سبب اختيار الموقع اختارت عائلة السقاف تلك المنطقة لقربها من مجرى عين زبيدة وسهولة إيصال الماء إلى القصر، كما كان لديهم بيوت كثيرة بجوار الحرم ويعتبر القصر كالمنتزه "بستان" لهم خارج مكة في ذلك الوقت، كما كانت تلك المنطقه مليئة بالبساتين لاهالي مكةالمكرمة. سفر آل السقاف أغلق القصر بعد سفر آل سقاف إلى شرق آسيا وترك مفاتيحه مع تحسين سقاف للأشراف عليه، ثم جاء السفير السعودي في دول شرق آسيا السيد ابراهيم بن عمر السقاف وكيلاً مشرفاً على جميع العقارات والأملاك التي في الحجاز لعائلة أبناء عمه علي السقاف وأبناء محمد السقاف. رمز الحجاز دخل الملك عبدالعزيز -رحمه الله- إلى مكة عام 1343ه فاعلن بزوغ فجر جديد من الحكم السعودي على الاراضي الحجازية، فبايع أهل مكة الملك عبد العزيز بتوليه الحكم بالطاعة والولاء، فقد كانت تسود المنطقة بين مكةوجدة والمدينة فى المواصلات الكثير من القلاقل الأمنية فقضى بعزيمته على تلك المشاكل وأرسى الامن والامان في المواصلات البرية للحجاج والمعتمرين، وقد اتخذ الملك عبدالعزيز قصر السقاف قصراً للحكم في مكةالمكرمة، حيث تميز القصر بكثير من الاحداث السياسية والتنظيمات التشريعية في بدايات العهد السعودي لإعلان بداية عهد جديد لبناء تاريخ عظيم للدولة السعوديه الحديثة. باكورة الاتفاقية الأولى استلم الملك عبدالعزيز مدينة جدة من أهاليها وبهذا فقد شهد قصر السقاف بمكةالمكرمة اللبنة والباكورة الاولى لاتفاقية تسليم مدينة جدة للملك عبدالعزيز -رحمه الله-. مجلس الملك عبدالعزيز العلمي كان الملك عبد العزيز اذا صلى العشاء توافد إليه العلماء في مكةالمكرمة بقصر السقاف، ويُقرَأ عليه فيه، وفيه جلسة العشاء، ويحضره عدد كبير من العلماء، منهم الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ، والشيخ عمر بن حسن آل الشيخ إذا كان موجوداً، والشيخ عمر بن سليم، وغيرهم، وكانوا يجلسون عنده، ويتكلم معهم بعد القراءة، يقرأ عبدالرحمن القويز في كتابين في السيرة النبوية وفي الحديث، ثم ينادون بالقهوة، ثم يقول له: "اقرأ"، فيقرأ في الكتاب الثاني. القصر بعد وفاة الملك حينما انتقل الملك عبدالعزيز يرحمه الله الى الرفيق الاعلى عام 1373ه أصبح قصر السقاف مقراً للديوان الملكي، ومن ثم أصبح مقراً لإمارة منطقة مكهالمكرمه، وعندما تم تأسيس رابطة العالم الاسلامي أمر الملك فيصل -رحمه الله- بأن يكون القصر مقراً للرابطه قبل تاسيس المبنى الجديد والذي انتقل اليه فيما بعد، ثم اصبح جزءاً منه وزارة المالية.