سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. الخليفة: الهروب من الفشل يتطلب "قياس القدرات" ووضع الطالب في التخصص الذي يناسب إمكاناته ماذا بعد الثانوية؟.. سؤال دفعنا ثمنه كثيراً من اقتصادنا وتعليمنا
ماذا بعد الثانوية؟.. سؤال طالما دار في أذهان الطلاب.. وتمنوا أن يجدوا من يعينهم على الاجابة عليه.. سؤال دفعنا ثمن عدم الاجابة عليه بشكل صحيح من اقتصادنا.. وتعليمنا.. ولالقاء الضوء على هذا الموضوع الذي ينتظره خريجو المرحلة الثانوية والذين تصل أعدادهم لقرابة ربع مليون طالب وطالبة استضفنا الدكتور أحمد الخليفة مؤلف كتاب ماذا بعد الثانوية؟ الذي تحدث لنا عن اهمية التخطيط للمستقبل وتحقيق النجاح والكسب المادي والمعنوي والتطوير والتدريب.. وتحقيق الرضا الوظيفي والارتياح النفسي، وفيما يلي نص الحوار: @ يوشك ربع مليون طالب وطالبة على التخرج من المرحلة الثانوية والاتجاه إلى التعليم الجامعي بكافة تخصصاته. في رأيك ماذا قدمنا لهؤلاء الطلاب؟ - أولاً من المهم هنا الإشارة والإشادة بمجهودات وزارة التربية والتعليم حيث توجد إدارة عامة تعنى بالتوجيه والإرشاد وتقوم بمجهودات متميزة في هذا المجال. لكن المسئولية عظيمة ولا تقع فقط على عاتق وزارة التربية والتعليم. كما لا يفوتني هنا التنويه بمجهودات المركز الوطني للقياس والتقويم، فالحقيقة أنه أصبح يساعد وبشكل كبير الطلاب على معرفة قدراتهم والتي بدورها تعتبر الخطوة الأولى بالاتجاه الصحيح نحو اختيار الكلية أو التخصص المناسب بإذن الله تعالى. أما ما دون ذلك، فالحقيقة أن المجتمع بكافة مؤسساته التعليمية والإعلامية مقصر في هذا الجانب. فالشابة أو الشاب عندنا يوشك أن يتخرج من الصف الثالث ثانوي دون أن يكون قد استمع إلى توجيه مهني أو برنامج تدريبي أو قرأ كتابا في هذا المجال أو غيره. @ ما رأيكم في من يقول بأننا نحتاج الاطباء والمهندسين فقط؟ - الحقيقة أن المجتمع والشاب يجب أن يستحضرا مفهوماً مهما ..هذا المفهوم هو أننا بحاجة إلى كل التخصصات.. نعم كل التخصصات وكل المهن وكل الأعمال ..فكما أننا بحاجة إلى الموظف المدني فنحن بحاجة إلى الموظف العسكري ..وكما أننا بحاجة إلى الشيخ وطالب العلم والطبيب المهندس والصيدلي.. فنحن بحاجة إلى موظف الاستقبال والسكرتير وغيرها من الوظائف الأخرى.. المملكة بحاجة لكل الكوادر. @ قد يقول بعض الطلاب انهم يبحثون عن أي مقعد دراسي.. في أي جامعة او كلية.. وعن أي فرصة عمل.. وليس لديهم مجال للتفكير.. ثم الدراسة.. ثم الاختيار.. فما رأيكم؟ - على الرغم من وجاهة هذا النقد إلا أن الحاجة، في ظني، للحديث عن مثل هذه المواضيع أحوج ما تكون في الوقت الحالي لأن شح الفرص الدراسية والوظيفية مدعاة للتفكير والتأمل المبكر قبل إضاعة الوقت والمال والجهد للالتحاق بتخصص لا يناسب أو وظيفة غير مناسبة.. فكم رأيتم ورأينا شباباً احرجوا أولياء أمورهم.. وأحرجوا أنفسهم من أجل الالتحاق بكلية معينة أو عمل ما.. ثم بعد أشهر.. بل واحياناً بعد أسابيع معدودة تجدهم قد تركوا الدراسة أو العمل بدون سابق إنذار.. بل قد تركوا العمل دون ارجاع بطاقة العمل.. بل منهم من ترك العمل دون استلام حقوقه المالية !!.. لا يخالجني شك بأن هذا التصرف خلل سلوكي وردة فعل عنيفة تجاه العمل الذي كان يعمل به أو الكلية التي كان يدرس فيها.. والتي كانت لا تناسب ميوله وقدراته. @ ما أبرز الفوائد التي يجنيها الشاب عند تفكيره في مستقبله لما بعد الثانوية؟ أولا: الهروب من الفشل. ليتأمل الشاب زملاءه الذين سبقوه في مراحل العمل أو الدراسة.. منهم من اختار مهنة لا تتفق مع ميوله وقدراته.. ومنهم من اتجه إلى وظائف يصعب تدريب نفسه عليها.. ومنهم من اقتحم مجالا مزدحما فصعب عليه الترقي.. ومنهم من اتجه إلى مجال معين نزولاً عند رغبة عزيز ولكن فشل في النهاية ..وهؤلاء جميعا اليوم إما محبطون.. أو عاطلون.. فلماذا لا تستفيد من اخطاء الآخرين.. لماذ لا تهرب من الفشل. ثانيا: ليعلم الشاب أن التفكير في مستقبله بعد الثانوية ليس من العبث أو من إضاعة الوقت كما يظن البعض.. بل في الحقيقة هو تمرين عملي وتوظيف لمهاراته وقدراته الشخصية التي أودعها الله فيه.. والتي منها التفكير.. التخطيط.. الإصرار.. دراسة المجالات الدراسية او الوظيفية المتاحة ومن ثم تحليلها ومفاضلتها.. وأخيراً صنع القرار الصائب بإذن الله.. هذا كله مع ضرورة أن يكون أثناء بحثه متأنياً.. ومجداً.. ولبقاً ومتجاوباً مع من تطلب منه المساعدة. ثالثا: إن تفكير الشاب في مستقبله بعد الثانوية سوف يعطيه معنى جديداً لدراسته ..لحياته كلها.. فمن يفكر أن يصبح طبيباً فسوف تجده مهتما بنشاط الجمعيات العلمية وبالتحديد في جماعة الأحياء أو العلوم.. وبالمقابل سوف تجد صاحب الطموحات الهندسية مهتما بأنشطة الجمعيات المهنية الفنية.. وبالمثل من سوف يصبح أديباً أو شاعراً أو معلماً أو غيرها.. هكذا.. تتأثر الهوايات بالطموحات.. لذا فإن التفكير في المستقبل بعد الثانوية يغير طعم الحياة.. شاء الشاب أم أبى. رابعاً: لا يخفى أن الاختيار الموفق للمستقبل سبب قوي لزيادة الكسب المالي والمعنوي.. سبب للتطوير والتدريب.. بل للترقي والنجاح ، كما أنه سبب من أسباب الرضا الوظيفي والارتياح النفسي لكن يجب التنبيه إلى ضرورة الموازنة في مفهوم الرضا الوظيفي وانه قضية نسبية وأن الأعمال بشكل عام يتخللها ما يتخللها من المنغصات سواء عاجلا أم آجلاً . خامساً: ليعلم الشاب أن لمستقبله الدراسي والوظيفي أثرا فعالا في تحديد البيئة التي يعيش فيها فلعمله المستقبلي علاقة مباشرة بالأصدقاء الذين يخالطهم.. بل وعلى أصدقاء أولاده وزوجته مستقبلاً بإذن الله.. ليس هذا فحسب.. بل لمستقبله أثر في موقع سكنه الجغرافي.. وهل سوف يعمل في قرية.. أم في مدينة صغيرة.. ام في مدينة كبيرة. @ هل القدرات والميول هي كل شي للتوفيق في الثانوية؟ - الحقيقة انهما شيء كبير جدا، لكنهما ليسا كل شيء، فالنجاح مرتبط كذلك، وبشكل وثيق، بسلوكه الشخصي.. فانعدام الطموح.. وعدم وضوح الأهداف.. والجهل بأهمية المسؤولية وضرورة تحملها.. وعدم الاعتماد على النفس.. وإهدار الأوقات كيفما اتفق.. كل هذه وغيرها تعتبر من أسباب الفشل في المستقبل.. سواء اختاره الشاب بطريقة علمية أو بطريقة عشوائية. @ يلاحظ أن بعض الطلاب يتجه إلى كلية أو تخصص معين تحت ضغط نفسي من ولي أمر قريب أو من ظرف صحي عاشه هذا الشاب أو يعيشه شخص عزيز عليه، بل وأحيانا يغتر الشاب بمقولة "هذا المجال هو لغة العصر" أو "مستقبل هذا التخصص زاهر" وغير ذلك من العبارات الرنانة. فهل هذا الاختيار صحيح؟ - باختصار شديد، الاختيار يجب أن يكون مبنيا على قدرات الشاب وعلى ميوله فقط. أما كافة العوامل الخارجية فهي مؤثرات خارجية لكنها سرعان ما تفقد تأثيرها عندما يحمى وطيس الدراسة. والأمثلة على هذا الإجبار الادبي الذي يعيشه بعض الشباب وواضح وملموس في كثير من حالات الشباب الذي بدأ تخصصا معينا نزولا عند رغبة حبيب ثم انتهى به المطاف إلى خارج أسوار الجامعة.