لم يسبق لأي عمل درامي مدبلج الى اللهجة السورية أن حظي بمتابعة جماهيرية واسعة مثل ما حظي به المسلسل الاجتماعي التركي (نور) الذي تبثه فضائية mbc، وقد شكل المسلسل حسب استطلاعات شعبية نقلة نوعية عالية في المشاهدة والمتابعة الى حد أن البعض شبهه بباب الحارة، عمليات الدوبلاج التي تشرف عليها وتشارك بها الفنانة السورية المتألقة لورا أبو أسعد مع عدد من الفنانين السوريين لم تكن تتم بالسهولة التي يراها البعض، وإنما كانت تحديا كبيرا لهؤلاء الفنانين الذين بذلوا جهودا استثنائية حتى خرج العمل الى النور بنسخته المدبلجة، ولعل النقطة الأهم في ارتفاع مشهديه المسلسل جماهيريا هي التجاذبات الاجتماعية التي تحصل في سياق أحداث المسلسل والمتقاربة بين البيئتين السورية والتركية باستثناء بعض المشاهد والأفكار المنفتحة التي تبتعد الى حد ما عن إيقاعات وعادات وتقاليد العرب والتي تم استبعادها ليحافظ المسلسل على جماليته وطروحاته ، ولعل شخصية نور تلك الفتاة الريفية القادمة الى المدينة والتي تحمل بفطرتها وأنوثتها سحرا خاصا لامست من خلال أدائها العفوي الكثير من الدلالات الجميلة التي أثرت في أحداث المسلسل وأعطته بريقا ساحرا وخاصة اتجاه مصالحة أبطال المسلسل مع ذاتهم الإنسانية وابتعادهم عن الزيف والمغالاة ، لورا أبو اسعد التي تجسد بصوتها دور الفنانة التركية (نور) برعت في الإمساك بأحاسيس وانفعالات الشخصية وتأقلمت معها الى حد التقمص ، أما الفنان مكسيم خليل الذي يؤدي بصوته دور (مهند) فانه استطاع من خلال توصيفاته الصوتية أن يقبض على المفردات والتعابير ويمزجها برؤية فنية دراماتيكية مشوقة ، كما ترك أداء كل من الفنانين مثل رغدة شعراني بدور "دانا" وأماني الحكيم بدور "شريفة خانم" وعلي كريم بدور "عابدين" وأياد أبو الشامات بدور "أنور" وغيرهم مساحات وفضاءات واسعة من تراجيديا اللقطة المفردة التي لونوا من خلالها لوحاتهم الصوتية بألوان الطيف، نور وعائلة "شاد اوغلو" وأسرة المسلسل ربما أعادت الأتراك الى سوريا من بوابة فنية عريضة تحمل مضامين اجتماعية وإنسانية وساهمت أيضا بعض الشيء في طي صفحات من الماضي الدامي أيام نفوذ الامبرطورية العثمانية ، السوريون كبارا وصغارا يتابعون المسلسل كما لو انه عمل سوري بامتياز حتى أن المسلسل أصبح جزءا من حديثهم اليومي، حيث يرى اغلبهم بأن المسلسل ناجح وقريب من القلب لأنه مفعم وغني بثقافة الحب التي تشهد انحسارا كبيرا في الأسر العربية إضافة الى أن أصوات الممثلين السوريين أعطت للمسلسل وهجا إضافيا في الشارع العربي، ويبقى أن نقول أن الفنانين السوريين الذين ساهموا في الدبلجة دفعوا بأبطال المسلسل الى العالمية وساهموا أيضا بتعريف المجتمع العربي على بعض نجوم الدراما الأتراك إضافة الى بعض معالم البيئة التركية، وربما تفتح هذه التجربة الناجحة الباب لدبلجة بعض الأعمال العربية الى لغات أجنبية أو الى إنتاج أعمال درامية مشتركة ..