كل يوم ننبهر ونتعجب ونستغرب من أوضاع وأحوال قصص الكثير من الناس من حولنا. إن بعض هذه القصص قد تكون من الخيال نوعاً ما، لكن هذه هي الحقيقة والواقع والصدق في سرد تلك القصص الجميلة وفصولها المتعددة وتحدياتها المستمرة وطرق الأبواب المغلقة. ومن أجمل أبواب هذه القصص هي قصة الذي قهر جبل كامل من التحديات والظروف والأوضاع الصعبة، من أودية سحيقة من التعب الجسدي والنفسي والتي لا يمكن تجاوزها الا بعد عناء وشقاء طويل. الدكتور عمار بوقس هو بطل ومخرج إحدى هذه القصص المؤثرة المثيرة للجدل والتعجب والتفكر والتي تضرب مثالا عظيما من الكفاح والصمود والقوة الحديدية بعد توفيق الله سبحانه، لقد أصيب عمار بوقس منذ ولادته في عام 1986م من التاريخ الميلادي، قرابة أكثر من خمسة وثلاثين عاماً من الإصابة بمرض ضمور العضلات الشوكي بحيث لا يتحرك من جسده إلا لسانه، وكذلك يجد صعوبة في ذلك، قاهر المستحيل استطاع تجاوز ذلك الأمر كله بالصبر الجميل والكفاح الدؤوب. لقد حفظ القرآن الكريم وهو في عمر الثالثة عشرة وخلال فترة وجيزة وقصيرة لا تتجاوز السنتين. العجيب في الأمر أنه بدأ دراسته في مدارس عادية في الولاياتالمتحدة الأميركية، لقد استطاع التأقلم والتعايش مع المجتمع المحيط من حوله. من الأمور الغريبة أنه لم تقبله أي مدرسة في السعودية في البداية بسبب وضعه وظروفه الصحية، لكن خلف كل قصة ألم، أمل جديد وشمس مشرقة، لقد انكشف ظلام اليأس بإشراقة نور التصبر والصبر بأن أكمل المعجزة الدكتور عمار بوقس تعليمه حتى تخرج من المعهد العلمي للمرحلة الثانوية وحصل بعدها على شهادة البكالوريوس من قسم الإعلام والعجيب أنه حصل على المركز الأول في الجامعة، على مستوى دفعته في العام الذي تخرج في وقته من الجامعة. لم يقف عند هذا الحد بل واصل مسيرة النضال والاجتهاد والجد والكفاح، حيث قام بكتابة المقالات والتحرير الصحفي في مجال الرياضة خصوصاً. استلم العديد من المناصب والعضويات الفخرية وحاز على العديد من الجوائز، قام بعمل فيلم قصير تم عرضه على وسائل التواصل الاجتماعي وقد انبهر الجميع منه، لقد ساعد المئات من ذوي الهمم وأبرزهم للمجتمع وأظهر قدراتهم الخارقة والقوية والمختلفة من موهوبين وموهوبات وذلك بإنشاء وتدشين جمعية الإرادة للموهوبين والموهوبات من ذوي الإعاقة والاهتمام بهم، من خلال تقديم الدعم والمساندة المناسبة لهم، بداية من أكاديمية الإرادة والدعم الاجتماعي والدعم المالي والصحي والعلمي وتعويض الأطراف الصناعية، وإقامة المعارض وورش العمل، إن هذه الجمعية قامت بالدعم المستمر، يكفي الأرقام والقوائم المالية التي تعرضها بكل مصداقية وشفافية أمام مرأى الجميع، يكفي أنها دخلت في موسوعة غينيس للأرقام القياسية على مستوى العالم كله. لقد دعم عمار بوقس وبث روح الحياة في جسد كل معوْق ومعوْقة، وأصبح رمزاً ومثالاً يحتذى به لعدم وجود المستحيل وأن غير الممكن أصبح ممكناً وأن المنال يمكن أن ينال وبلوغ الهدف ممكن ولو بعد حين. حفظ الله الدكتور عمار بوقس أعواماً عديدة وأزمنة مديدة، إنه الأب الروحي لكل من يعاني من الإعاقة والفشل، لقد أشعل وقود الهمة العالية والمثابرة الدائمة لمعنى عدم اليأس والاستسلام.