العمى في البصيرة أشد وأنكى وأعظم مصيبة من العمى في البصر، والبصيرة كما قال إمام وخطيب المسجد النبوي صلاح البدير في خطبة الجمعة أمس هي التوحيد ونبذ الشرك وعدم طاعة المخلوق في معصية الله تعالى، وهي اليقين والثبات في الدين، ومن جلائل النعم وقلائد المنن نعمة البصيرة في الدين فأكرم بها من نعمة وعطية وأعظم بها ثم أعظم بها، قال الله تعالى: (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، وتابع إمام المسجد النبوي وقال: إن البصيرة هي القرآن والسنة قال تعالى: (قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا) أي قد جاءتكم البينات والحجج التي اشتمل عليها القرآن، واشتملت عليه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي الأنوار التي لقلوبكم بمنزلة الضياء المحسوس لعيونكم، فاصعدوا ببصائر القرآن والسنة ولا تهبطوا في حضيض الأوهام والآثام وكيف تقعون في مستنقع الآثام ولديكم النور الباهر والضياء الظاهر كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس أعظم من القرآن والسنة آيات وبراهين وأنوار يبصر بها ويستدل، فاطلبوا من الأنوار أعلاها ولا تحتقروا من الظلمات أدناها، وأضاف أن البصيرة نور يقذفه الله في القلب، يفرق ما بين الحق والباطل والخير والشر والفضيلة والرذيلة، وعمى الأبصار هو العمى الذي لا عمى بعده بل لا عمى إلا هو، قال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ). وقال الشيخ البدير: إن من صفات أهل الإيمان أنهم يقاظ القلوب فهماء العقول يعون عن الله أمره ونهيه ووعده ووعيده إذا تليت عليهم آياته أكبوا عليها سامعين واعين مراعين بآذان سمعتها وقلوب وعتها لا يتغافلون عن مواعظه ولا يستكبرون عن عبادته كما يفعل الساقطون المستعلون الصم الذين لا يسمعون والعمي الذين لا يبصرون قال عز وجل: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا).