في خطوة إيجابية لتفعيل الحراك الثقافي شهدت مناطق عديدة من المملكة إقامة معارض محلية دائمة للكتاب وسط إقبال كبير من الجمهور الثقافي الذي طالما تمنى وطالب بتنظيمها، وبقدر ما يحسب للقائمين على تلك المعارض من جامعات وإدارات تعليم في النهوض بالعمل الثقافي واتساع نطاقه ليستفيد منهٌ أكبر قدر من المهتمين إلا أنهٌ لم يخل من بعض الملاحظات الهامة التي ربما أظهرت خيبة أمل لعدد من زوارها المتلهفين والمتعطشين لحضرة "الكتاب".. وأيا كانت تلك الملاحظات والمآخذ على تلك المعارض يبقى لمنظميها الفضل في استشعار أهمية تلك الخطوة وما لها من حضور ودور تنويري وكما أن تلك الملاحظات لا تفقدها أهميتها ومكانتها لاسيما وأنها في بداية انطلاقتها. ثقافة اليوم تناقش أهمية إقامة المعارض المحلية للكتاب ومدى نجاحها في جذب وإرضاء جمهور القراء وماذا نتوقع لها مستقبلاً في هذا الحيز.. ظاهرة حضارية قال رئيس جمعية الناشرين السعوديين، د. أحمد الحمدان: إن فكرة إقامة معرض للكتاب في المناطق فكرة جيدة في حد ذاتها، وتعد ظاهرة حضارية تؤسس لمنابر ثقافية لها الكثير من الآثار التي تنعكس على أبناء أي منطقه يقام بها معرض للكتاب. مضيف: إن النجاح الذي حققه مؤخرًا معرض الكتاب للقصيم يدعونا للتفاؤل والعمل الجاد لتعميم تلك الفكرة في كافة مناطق المملكة مشترطاً تضافر الجهود بين قطاعات الحكومية بداية بوزارة الثقافة والإعلام ووزارة التعليم والجامعات السعودية للخروج بشيء يحقق الفائدة الحقيقة للجمهور على أرض الواقع. وأشار الحمدان إلى ضرورة التخطيط والدراسة والتنظيم عند إقامة المعرض المحلي حتى لا يشوبه تخبطات أو يكون هناك نوع من أنواع الفوضى كونها تفتقد للدراسة الجيدة. وبين أن هناك معارض محلية أقيمت دون علم جمعية الناشرين السعوديين للمشاركة وهي الجهة المعنية بإقامة المعارض المحلية ومن ضمن مهامها وأهدافها نشر الكتاب السعودي في الداخل والخارج وإحدى طرق النشر التي تهتم بها هي إقامة المعارض المحلية أو الدولية، وضمن مهامها انتقاء واختيار دور النشر الجيدة ونوعية الكتب المعروضة. فلابد إن تناط كل جهه بمهامها وتتظافر الجهود لتحقيق النجاح. خطوة ايجابية وأشاد الأديب والأكاديمي د.مسعد العطوي بنتائج تلك الخطوة، معتبراً إياها خطوة على الطريق الصحيح لنشر الثقافة والمعرفة، خصوصاً أن بلادنا واسعة الأرجاء متباعدة المدن كما أن تعدد الجامعات ذات الكثافة الطلابية الكبيرة يشجع على قيامها بمثل تلك الخطوة، مشيرًا إلى أن كل جامعة مؤهلة لذلك ولديها القدرة على إقامة معرض للكتاب. مؤكداً على أن وجود المعرض يخدم الحركة العلمية في الجامعة وينمي الثقافة في المنطقة ويساعد على نشر الكتاب للمؤلفين، مضيفاً: وما رأيناه في معرض الكتاب بتبوك الذي نظمته مؤخراً جامعة تبوك يبشر بنجاح محقق للكتاب طالما كان هناك انتشار للوعي بالكتاب وزيادة الإقبال عليه. مقترحاً أن يكون للمكتبات المتعاونة دعم من الجامعة بشراء بعض الكتب وكذلك من إدارة التعليم ولعل إيجاد فعاليات وأمسيات ثقافية على هامش المعارض تحقق نتائج إيجابية، إضافة إلى التحضير لتغطيات إعلامية مميزة، لافتاً إلى أصداء المعرض الأول للكتاب بتبوك، يشجع الجامعة وأي من المؤسسات الثقافية لتكرار إقامته في كل عام. أهمية بالغة فيما أوضح الكاتب الصحفي والمؤلف عبدالفتاح الريس، أن معارض الكتاب والتي اعتادت بعض الجامعات وإدارات التعليم إقامتها سنوياً أو شبه سنوي في بعض مناطق المملكة ومنذ عدة سنوات قد حققت مردوداً طيباً وإيجابياً لا سيما على مستوى الباحثين والدارسين، ولعل من يعايشهم أو يتابعهم عن كثب يجد ذلك جلياً وواضحا. مضيفاً أن ما يُعول على هذه المعارض هو تحقيق تطلعات أكثر فائدة وتناغم في مختلف فنون المعرفة والثقافات وعلوم الحياة المعاصرة الذي بات محدوداً للغاية ذلك لأن جلّ ما تعرضه هذه المعارض من كتب ومؤلفات مكررة باختلاف العناوين فقط، وقد سبق لهؤلاء الأفراد شرائها أو اقتنائها أو بمعنى آخر لا جديد على ما قرأوه مسبقاً. أو تكون هذه الكتب والمؤلفات تتعلق بتخصصات معينة أو نادرة ولكنها غالية الثمن فلا يستطيع الحريصون شراءها. ناهيك عن استغناء كثير من أفراد المجتمع عن هذه المعارض طالما توافرت لديهم أجهزة التقنية الحديثة أو الذكية والتي من خلالها بإمكانهم الحصول على كل ما يريدون في مجال تخصصاتهم أو يشبع نهمهم ويلبي ميولهم ورغباتهم في مختلف ميادين العلوم والثقافة والمعارف بمجرد ضغطة زر. فالمعارض إذاً أضحت غير بالغة الأهمية بالنظر لما ذكرناه سابقاً، وبالتالي ليس بمستغرب البتة حينما لا نجد إقبالا شديداً عليها مقارنة بما شهدته مثيلاتها من إقبال منقطع النظير قبل ظهور هذه التقنيات. أما فيما يتعلق بالمقترحات التي يتوجب مراعاتها مستقبلا، فتتلخص في ضرورة القيام بتغطية إعلامية مكثفة، بالإضافة إلى ضرورة مطالبة المكتبات ودور النشر بجلب ما أمكن من الكتب والمؤلفات التي لها شأن كبير على المحك الفكري والعلمي والثقافي وبأسعار معقولة. بالإضافة لتمكين طلبة وطالبات مدارس التعليم العام من زيارتها وإتاحة الفرصة لهم لشراء ما يناسبهم وبأسعار مخفضة يشترطها المنظمون للمعارض على دور النشر لأجل تشجيع هؤلاء الأبناء على القراءة. فعاليات مهمة فيما اعتبر الأديب والناشر عبدالرحيم الأحمدي أن فعاليات معارض الكتاب التي تم انتشارها في مناطق المملكة فعاليات ثقافية مهمة جداً لتوصيل المعرفة إلى راغبيها غير أن ما ينقصها اليوم هو دعم وزارة الثقافة والإعلام أو الهيئة العامة للثقافة والتي يجب أن تعملا على تعميم إقامة معارض الكتاب في المناطق والإشراف على تنظيمها مع عدد من المؤسسات الثقافية والتعليمية المعنية.. مشيراً إلى أن مثل تلك المعارض تهم الناشرين والمؤلفين على حد سواء، ولكن عدم التنظيم الجيد كبد بعض الناشرين خسائر كبيرة كونهم هم من يتحملون تكلفة نقل الكتب والإقامة بالمدينة المقام فيها معرض الكتاب خلال فترة المعرض، مستشهداً بأنه كناشر لم تتجاوز مبيعاته في معرض كتاب جازان 600 ريال وفي معرض كتاب الجوف 300 ريال، حيث إنه توقع من الجامعة المنظمة للمعرض شراء بعض الكتب إلا أنها لم تشتر أي كتاب لذلك أصبح من الصعب جداً أن يكرر المشاركة في أي معارض تقام خارج مدينة الرياض بحسب ماقال. مطالب ملحة فيما أكد الكاتب والروائي محمد المزيني أنه من المهم والملح جدًا للثقافة والكتاب وللمعرفة بشكل عام أن تقام مثل تلك المعارض في كل مناطق المملكة خصوصاً ونحن في بلد يتنامى عدد سكانه وفي سنوات قادمة أيضاً سيشهد تمدداً سكانياً واليوم كما نشاهد هناك من الأجيال الشابة المتطلعة للعلم والمعرفة ولن يحصل ذلك بمعزل عن معارض الكتب والأماكن التي تباع وتتوزع بها أدوات المعرفة. مشيراً إلى أهمية أن تكون الكتب التي تعرض في المعارض المحلية أو الدولية متاحة في كل منافذ التسويق من الأسواق التجارية إلى المطارات إلى كل المنافذ التي يمكن أن يسوق فيها الكتاب لأنه بداية حضارة الأمة ولا يمكن لأمة أن ترتقي بمعرفتها وفنها وإنسانها إلا من خلال القراءة. وأضاف المزيني أن الكتاب يسوق بشكل ممتاز في المملكة وكل دور النشر في العالم العربي تطمح الوصول إلى معارض الكتب السعودية لتوفر تسويق جيد وإقبال بشكل جدي. ويرى أن دور الجامعات المنظمة لهذه المعارض في الغالب هو دور توجيهي رئيسي إذ يجب عليها أن تتحمل توجيه المعرفة لكي تصل إلى الشباب والمتطلعين إليها بشكل صحيح حتى لا يكون هناك عشوائية بالشراء، فكما نرى كيف تعمل مواقع التواصل الاجتماعي في تسويق بعض الكتب من خلال وسوم لتلميع بعض الأسماء التي لا علاقة لها أصلاً بالكتاب. وللأسف من يقف خلف هذه الحسابات أسهموا في إيجاد أسماء واهية ليس لها أي ارتباط بالمعرفة. الحمدان: جمعية الناشرين آخر من يعلم! العطوي: الجامعات لا تساهم في شراء الكتب الريس: الأسعار المبالغ فيها تثبط القراء الأحمدي: مبيعاتنا لا تتجاوز 600 ريال المزيني: الأسماء الواهية لا تخدم المعرفة Your browser does not support the video tag.