في واحدة من أغرب الحالات قامت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) في قرار لها الأسبوع الماضي أرسلته للجهات الحكومية بإلزام هذه الجهات بإبلاغها بحالات الفساد المالي المالي والإداري لديها! ورفع تقارير ربع سنوية عن ما يتم اكتشافه من فساد ووضعه على المنصة الإلكترونية المخصصة لهذا الغرض، فعلى الرغم أن الجميع يقف مع هذه الهيئة ويشد أزرها ويأمل منها الكثير لكبح حالات الفساد في بعض الجهات الحكومية، إلا أننا وباستغراب شديد نتساءل عن جدوى هذا الأسلوب، هل ننتظر من المذنب أن يأتي بطواعية ويعترف بجرمه؟ هل ستُفيق فجأة ضمائر الفاسدين ويعلنون توبتهم؟ ويشهرونها ويرفعون بذلك إلى نزاهة؟ للأسف الشديد لن يتم هذا مطلقاً، وأن تنتظر نزاهة ليأتي أحد المسؤولين الكبار الذين لديهم قرار مخاطبة نزاهة ليقر ويعترف بأي حالة فساد في وزارته أو هيئته، لن يحدث، ولم يحدث في التاريخ أن وجدنا مسؤولاً شجاعاً يعلن مثل هذا الأمر، فحتى صندوق إبراء الذمة الذي أنشئ لهذا الغرض يتم تحت تدبيرات سرية عالية ولا يفصح عن أي ضمائر صحت وأعادت حتى ريال واحد أخذ بطريقة غير مشروعة، وبدل أن تطلب نزاهة من هذه الجهات رفع حالات الفساد لديها والتي لا تتم أبداً خوفاً من سمعة وفضيحة الجهاز يقومون باحتواء وتمرير الحالات وصياغتها كأخطاء إدارية بعيدة عن العقوبات، يجب على نزاهة ألا تنتظر من أي جهة أو مسؤول برفع الحالات وأن تبادر هي والجهات الرقابية الأخرى بكشف هذه الحالات والقيام بجولات تفتيشية مفاجئة للجهات وأن تعطى الصلاحيات الكاملة بالتفتيش والمراجعة في أي وقت وأي مكان إن أردنا ضبطاً للأمور وضماناً لردع مثل هؤلاء الفاسدين الذين ينهشون في الوطن، وأن يعمل الجميع سواء موظفين أو غير موظفين كمراقبين ومراجعين ومساعدين لنزاهة في كشف بعض الحالات وأن يعطوا الحصانة والأمان فيما بعد، على أن تكون حالات حقيقية وصحيحة تلافياً للحالات الكيدية التي قد تحدث أحياناً، نحن الآن على مشارف مراجعة شاملة وتطبيق كامل لرؤية 2030م بكل ما فيها من أهداف وعناصر تعمل على رفع كفاءة العمل في القطاع الحكومي وضبطه وحوكمته بما يعزز الأداء والمصلحة الوطنية. خاطرة: سنعيش مطلع الأسبوع القادم في 23 سبتمبر مناسبة اليوم الوطني للمملكة، نسأل الله لبلدنا دوام الأمن والاستقرار وأن يحفظ الله هذه النعمة والعيش الكريم لوطننا وهو بألف خير وسلام.