بوجه عام فإن التنمية السياحية للمواقع الأثرية، ومواقع السياحة الثقافية الأخرى، لا تتم فقط من خلال عمليات رصف الطرق المؤدية إليها، أو إمدادها بالمرافق العامة والأساسية من مياه وكهرباء وصرف واتصالات وغير ذلك، وإنما ترتبط هذه العملية، بدون شك، بعوامل أخرى مختلفة ومتعددة، منها أهمية الموقع وطبيعته ومساحته وتكوينه الجغرافي وعدد زواره المتوقعين... الخ، فقد تكون إقامة بعض الفنادق، ذات الفئات السياحية الملائمة، وبأعداد الأسرّة المتناسبة مع أعداد السائحين المتوقعين، أمراً ضرورياً في حالة بعد الموقع المستهدف عن المدن الرئيسية الكبرى للبلد السياحي، والتي تتوفر بها أماكن الإقامة السياحية المجهزة، أو أن تكون برامج الرحلات السياحية تشتمل على زيارة عدة مواقع متجاورة، بحيث يكون من الصعب إتمامها جميعاً في يوم واحد، وفي غير تلك الأحوال فيكفي عن وجود الاستراحات، أو المطاعم والكافتيريات السياحية المزودة بأماكن جلوس مريحة ودورات مياه حضارية وحديثة. أما عن تجهيزات الإرشاد السياحي والخدمات الإدارية فيتوقف عددها وحجمها حسب العدد المتوقع لزوار الموقع، ومن أساسياتها وجود أماكن انتظار متسعة وكافية للسيارات والحافلات السياحية والمصممة حسب الحد الأقصى لحجم الزيارات المتوقعة، وكذلك مراكز للزوار ولوحات استعلامات وخرائط إرشادية ونحوها بما يتناسب مع حجم الموقع وأهميته، فضلاً عن تبليط الممرات والمماشي داخل الموقع بالأحجار ذات النوعية المناسبة. ويسبق كل ذلك ويواكبه إقامة المنشآت الإدارية اللازمة لعمل منسوبي الآثار والأمن السياحي، والجهة الرسمية المسؤولة عن النشاط السياحي، وكذلك مصلى وأكشاك للتذاكر، وأحياناً مكتب لحفظ أمانات السائحين لحين إتمامهم للزيارة، وحجرات لعمال الصيانة والنظافة بالموقع ومعداتهم، مع ضرورة وجود عيادة طبية صغيرة في بعض الأماكن كثيفة الزيارة. كما قد تتاح أماكن خاصة بالأنشطة التجارية تطرح للإيجار، ويتم إنشاؤها، بمعرفة الجهات الحكومية ذات العلاقة، من خلال تصميمات معمارية وهندسية موحدة تتناسب مع طبيعة الموقع ويتم شغلها بواسطة القطاع الخاص التجاري المهتم بالأنشطة والخدمات السياحية، مثل محلات بيع منتجات الحرف التقليدية، والبنوك، وفروع مكاتب الخدمات السياحية، وقد توجد بعض محلات السوبر ماركت والصيدليات، وربما كذلك بعض محلات التصوير الفوتوغرافي ولوازمه في بعض المواقع الكبرى للسياحة الثقافية، ومكتبات مصغرة لبيع الدليل السياحي والتذكارات وغيرها، وذلك مع مراعاة البعد المناسب لمنشآت كل من الأنشطة السابقة عن الموقع، واعتبارات النظافة وسلامة البيئة المتصلة بكل منها. بينما استحدثت بعض الدول السياحية الأجنبية والعربية، ومنها مصر، منذ حوالي خمسة عقود، نظام عروض الصوت والضوء، حيث تقدم هذه العروض ليلاً في بعض المواقع الآثارية والتراثية الرئيسية، حيث يجلس المتفرجون على مدرجات مفتوحة، ومن خلال إضاءة بعض أجزاء الموقع يتم شرحها تباعاً، في كل مرة بلغة واحدة من لغات الوفود السياحية، وقد تتكرر العروض بلغات مختلفة في ليلة واحدة، وذلك حسب الحجوزات المسبقة للمجموعات السياحية مختلفة الجنسيات. كما تمت دراسات أخرى لبعض مواقع الآثار، التي تحظى بأعداد كثيفة من الزائرين وتزدحم بها الأفواح السياحية نهاراً، وأوصت نتائج هذه الدراسات بإضاءة بعضها ليلاً، ومن أشهرها معبد الأقصر، حتى يمكن زيارتها على مدار النهار وجزء من الليل. واستحدثت كذلك في بعض المواقع السياحية العالمية فكرة إقامة مراكز حديثة للشرح والاستعلام عند مداخل المواقع الآثارية والتراثية الكبرى، حيث تعرض فيها بلغات السائحين المختلفة، وحسب جنسية كل فوج أو اللغة الدولية التي يعرفها، أفلاماً سينمائية وشرائط فيديو مصحوبة بالشرح عن تاريخ المكان وطبيعته، وتكون هذه المقدمات لمدة تتراوح بين 15 - 30 دقيقة، بحيث يسمح للزائرين بعدها بدخول الموقع على دفعات مع المرشدين، وقد أدت إقامة مثل هذه المراكز إلى تقليل فترات الزيارة داخل الموقع، وبما يسمح باستيعاب أعداد أكبر من السائحين والزائرين. * قسم الآثار والمتاحف - جامعة الملك سعود