على الرغم من عدم اتفاق العالم على تعريف موحد للإرهاب الا ان هذا العالم برغم ما يسوده من اختلافات سياسية وايدلوجية لا يمكن ان ينكر حق الشعوب في مقاومة الاحتلال. ولهذا فإن من الجدل غير المبرر ان نضيع كثيراً من الوقت في التعريف، والتفسير، والتأويل، والدوران حول الموضوع. الأمر بكل بساطة ووضوح هو قتل الأبرياء، وزعزعة الأمن، ونشر الرعب لأسباب قد تكون سياسية وقد تكون غير ذلك. لا يذكر التاريخ ان الإرهاب انتصر في أي زمان أو مكان، أما المقاومة فهي دائماً تنتصر ولعل أشهرها المقاومة السلمية لغاندي للاحتلال البريطاني. المؤسف ان بعضنا يتحدث عن الإرهاب بلغة الألغاز والطلاسم، ويحاول أن يدخلنا في متاهات المصطلحات والتعريفات والدلالات. لا أدري ماذا نسمي قتل أناس أبرياء في منازلهم؟ ماذا نسمي قتل الأطفال؟ ماذا نسمي الاختطاف وقطع الرؤوس؟ هل تدخل هذه الممارسات المرعبة في قاموس المقاومة؟ إن كلمة الإرهاب السائدة الآن في العالم هي التي تتجه نحو قتل الأبرياء للوصول إلى غايات قد تكون سياسية وقد تكون دينية. وهذا النوع من الإرهاب موجود في كل أرجاء العالم ولا يرتبط بثقافة معينة أو دين محدد وهو مرفوض من الجميع. وإذا اردنا ان نرجع إلى جذور هذا الإرهاب الجسدي القاتل فهذا يقودنا إلى التطرف الفكري الذي يصل إلى حد الإرهاب الفكري حيث يؤمن أصحاب هذه المدرسة ان من لا يؤمن بأفكارهم فهو مؤهل بشروطهم للتصفية، ومن يختلف معهم في الرأي فهو لا يستحق الحياة. الإرهاب الفكري هو الذي قاد إلى الإرهاب الذي يوزع الموت على الابرياء في كل مكان. وهو تعبير عن الفشل وليس عنواناً للقوة، فالذين فجروا وقتلوا في أمريكا، وأسبانيا، واندونيسيا، والسعودية، ومصر، ولندن ، إنما يعبرون عن عجزهم، وفشلهم، وعدم قدرتهم على طرح أفكار مقنعة مؤهلة لدخول حوار حضاري مع ثقافة العالم. إن تحول الإرهاب من الفكر إلى القتل هو اعلان فشل، ومؤشر ضعف فهو بمثابة الانتحار، والذي ينتحر هو إنسان يائس ضعيف لا يملك مقومات النجاح وتنقصه الإرادة، ولا يملك موهبة التعامل والتفاعل مع الآخرين. وهذا النوع من الإرهاب خطر على سلامة وأمن المجتمعات، ومن ينفذه فئة تتوفر فيها الأمراض التي تجعلها جديرة بالعلاج النفسي وليس الحوار. أقول هذا لأن الإرهابيين لا يحاربون الحرية ولا الديموقراطية، هم يبحثون عنهما ولكن لأنفسهم فقط فالإرهابي يعتقد انه حر ان يملي عليك مطالبه وان يصدر اليك اوامره وما عليك الا التنفيذ. والديموقراطية عند الإرهابي ان يقول لك رأيه، ويتوقع منك ان تؤمن بما يقول فإن لم تفعل لأي سبب فإن الحكم يصدر بشطبك من قائمة من يحق لهم الحياة. العدل، والمرونة، والنصح، والحكمة، لدى الإرهابي هي ان يوجه المسدس إلى رأسك ويطلب منك تنفيذ ما يريد. القيم الإنسانية عند الإرهابي هي القيم التي تسمح له بالقتل دون وجه حق، وهذا مبدأ ترفضه كل الأديان وكافة القوانين في الماضي والحاضر، والمستقبل، فهل بعد هذا نحتاج إلى تعريف للإرهاب. [email protected]