وصف عدد من الأكاديميين العرب والمسؤولين في المراكز الإسلامية في عدد من الدول الغربية ، مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين اتباع الأديان والثقافات ، بالحكيمة التي تنقذ البشرية من ويلات الحروب. واعتبروا في تصريحات خاصة ل(الندوة) إلى ان المبادرة انتصار للأمة بدعوتها المستندة إلى النهج النبوي في اشاعة لغة التسامح واحتام الآخر بين اتباع الأديان ، وأكدوا أن المبادرة خطوة كبيرة جداً على طريق التقارب العالمي بدلاً من صدام الحضارات كما يحاول البعض ترويج هذه المقولة التي ثبت فشلها ولعل مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) تعزز مفهوم التعايش والسلام بين الأمم وتحقق أهدافاً سامية للبشرية جمعاء بدعوتها للسلام بالحكمة والموعظة الحسنة والمواقف التي تتسم بالحنكة والنظرة الثاقبة للأمور. تفاهم وتعاون وأكد وكيل الدراسات والبحوث بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور محمد بن المدني بوساق على أهمية الحوار اذ ان الحوار هو وسيلة الداعية في دعوته والمعلم في تعليمه وهو من الطرق الحضارية المهمة التي يجب أن تكون البديل الانجع لانواع كثيرة من الصراعات والخصومات وتتقاذف بالشتائم والتحديات والوعيد والتهديد. وقال : ومن صور الحوار التفاهم والتواصل والتعارف والتعاون على الخير والتعاون على مواجهة الشر ولو في اضيق دوائره ونصرة المظلوم من أي جنس كان مهما كانت دعوته ودينه وحفظ حقوق الصغار واغاثة الملهوف ونجدة الناس عند الكوارث وغيرها من الأهداف الإنسانية السامية. سلام وتعايش ويقول د. عبدالعزيز محمد قاسم الاعلامي والكاتب المهتم بالشؤون الاسلامية: لا انسى وأنا أستمع إلى توصيات مؤتمر الحوار العالمي للأديان في مدريد ، بكثير من الفخر والاعتزاز لما تحقق لنا من مكاسب، تداعت إلى ذاكرتي وقائع الإساءات الدانمركية لسيد البشر – فداه أبي وأمي – صلى الله عليه وسلم، وأتذكر جزيئاتها بدقة حينما رفعنا عقائرنا في منابر الجمع ووسائل الإعلام، ولطمنا واحتججنا، وقام بعض المسلمين بسلوك خاطئ في تفجيرهم لبعض سفارات الدانمرك دون أية نتيجة، بل ازداد أولئك المأفونون عتوا وأعادوا رسم تلك الكاريكاتورات البذيئة مرة أخرى، دون أية اعتبار لمشاعر مليار مسلم. أبرق الأمل في نفسي مرة أخرى في إيقاف تلك الإساءات للأديان ولرموزها المقدسة عبر هذه الخطوة الحكيمة من الملك عبدالله بن عبدالعزيز من خلال هذه التظاهرة العالمية الدينية الفريدة التي لم نشهدها كجيل ولا كمجتمع، وقد رفعوا توصياتهم الملهمة، وطالبوا الأممالمتحدة بدورة غير عادية لمناقشة ما دار في الحوار، تمهيدا لاستصدار قانون دولي يجرم الإساءات للأديان ولرموزها، وأن من يقوم بذلك سيدخل تحت طائلة القانون. ولعل المهتمين والباحثين سيقفون طويلا عند كلمة خادم الحرمين الشريفين الافتتاحية، والتي أجابت على كثير من الأسئلة فقد قال حفظه الله بأن فشل الحوارات في السابق يعود لأنها حاولت صهر الأديان والمذاهب بحجة التقريب بينها، واصفا ذلك بالمجهود العقيم أيضا لأن أصحاب كل دين مقتنعون بعقيدتهم ولا يقبلون عنها بديلا . وحدد حفظه الله أنه لكي تنجح هذه الحوارات فعليها التوجه إلى القواسم المشتركة التي تجمع بين الأديان، وهي الإيمان العميق بالله والمبادئ النبيلة والأخلاق العالية التي تمثل جوهر الديانات. في تصوري أن مكاسبنا كدولة وكدين كانت كبيرة، فأمام الهجمات الإعلامية المتتالية علينا كوطن من بعد 11 سبتمبر، يصفنا فيه الإعلام الغربي وبأننا بلد منغلق على نفسه وغير متسامح، تأتي هذه الدعوة من ملكنا الكبير لتؤكد أننا دعاة سلام وانفتاح وتعايش، ولتضطر رأس تلك الوسائل الإعلامية الغربية شبكة الCNN إلى أن تعترف بالأهداف العظيمة التي يحملها خادم الحرمين الشريفين وتصفه بأنه صانع تاريخ ورجل سلام. واود ألا ينتهي هذا الجهد العظيم ليصطف بجانب مؤتمرات عديدة بقيت توصياتها حبرا على ورق. لا بد من أن نرعى هذا الغرس الكبير ونتعهده، فأمام هذا التحرر الذي يشهده العالم وموجات الإلحاد والشذوذ وتصاعد الإساءات للرسل وللأديان في ظل عولمة ثقافية قسرية تجتاح مجتمعاتنا المحافظة، لنحن بحاجة إلى أن تتكاتف أصوات الشرفاء في العالم في وجه هذه الاعصارات. فائدة عالمية وبارك رئيس المركز الإسلامي والثقافي بألمانيا الدكتور محمد الهواري جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في سعيه الحثيث للحوار بين الأديان معتبراً هذه الجهود المباركة بشرى خير للاقليات الإسلامية التي تعيش في الدول الغربية. وقال الهواري: إن هذا يؤكد مفهوم خادم الحرمين الشريفين لحوار الحضارات والاديان بدلاً من المفهوم الغربي القائم دائماً والساعي إلى الصراع بين الأديان والحضارات. وأضاف رئيس المركز الإسلامي بألمانيا: ان هذا الحوار هو القناة الوحيدة للوصول إلى الحقيقة وهي قيمة عالية أكد عليها الدين الحنيف ، وان هذا الحوار يوظف إلى ما يفيد البشرية في كافة أوجه الحياة ويبعد شبح العنف الذي يستشري في غياب مفهوم الحوار والتعايش السلمي. طريق للتقارب بين أبناء الأديان فيما أشار رئيس المركز الإسلامي بالسويد عبدالكريم العلام إلى أهمية اقامة الحوار بين الأديان الذي يعد خطوة كبيرة جداً على طريق التقارب العالمي والحضاري وتابع العلام: نحن المسلمين في الأصل قلوبنا مفتوحة لكل الناس ، فإذا مددنا أيدينا للآخرين ليفهمونا على حقيقتنا ليعرفوا ان ديننا ليس ديناً جامداً ، وانما هو دين منفتح ومحب للإنسانية جمعاء. بعد نظر أما الشيخ طارق الغالبي (أبو مشهور) فرأى ان الحوار بين الأديان هو نهج نبوي ينبع في حقيقته ومغزاه من مشكلة النبوة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى احترام الاديان الأخرى واعطاء الشرع الحنيف الحقوق لاتباعها كاملة. مشيراً ان دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين الاديان تدل دلالة واضحة على بعد نظره حفظه الله ودرئه لمخاطر الصراعات والعنف وتأجيج الفتن بين اتباع الاديان والحضارات. وقال الغالبي: ستجني هذه الحوارات بين الأديان الهدف الأسمى من اقامتها قريباً إن شاء الله سبحانه وتعالى وستسعد البشرية جمعاء بذلك ، واشار الغالبي إلى ان الحوار ضرورة بشرية انسانية لتشابك العلاقات بين البشرية في كل مكان وزمان. دعوة مباركة من جانبه قال مدير المركز الإسلامي والثقافي ببلجيكا الدكتور عبدالعزيز محمد اليحيى ان الحوار بين الاديان التي دعا اليها خادم الحرمين الشريفين هي دعوة كريمة للعودة إلى ترسيخ الاخلاق الفاضلة والقيم الإنسانية السامية المشتركة بين الشعوب والأديان. وقال اليحيى ايضاً: ان ثقافة التعارف والتسامح والاعتدال التي شرعها الله سبحانه وتعالى لنبي البشر تسير وفق هذه الدعوة المباركة من لدن خادم الحرمين الشريفين. حكيم الإنسانية وأكد حفيظ الرحمن الأعظمي رئيس تحرير وكالة (إنتربرس) ان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله يتميز بحنكة سياسية ونظرة ثاقبة تجلت هذه الحقيقة ناصعة وبادية للعيان من خلال الخطوات والمبادرات الجريئة الموفقة التي اتخذها محليا وإقليميا ودوليا حيث أسس مركز الملك عبدالله للحوار الوطني والذي أنهى عدد من ندواته وأتيحت الفرصة للمثقفين الذين يمثلون القطاعات والفئات والطوائف المختلفة أن يبوحوا بمافي خاطرهم بكل حرية، وعالميا استطاع بفضل رؤيته الثاقبة أن يتعامل مع الأزمات التي شهدها العالم بعد أحداث 9/11 ببراعة. وجاءت مبادرة الحوار مع الأديان لتكون بمثابة ختام المسك والتي إن دلت على شيء فإنما تدل على حرصه البالغ ورغبته الاكيدة في أن تنعم البشرية في أمن وسلام وأن يصبح هذا الكوكب الأرضي بحبوحة جنان، لقد كان الملك عبد الله صريحا أمام قادة العالم والمفكرين وأتباع الديانات والرسالات حيث وضع النقاط على الحروف في كلمته الافتتاحية في مدريد بان الحوار لايعني التنازل عن الثوابت الدينية إنما يهدف إلى التعايش السلمي وهو مطلب شرعي أصيل فلقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم إلى جانب اليهود في المدينة وأبرم معهم اتفاقيات الصلح التي كانت بعض بنودها تنص على الدفاع عنهم إن تعرضوا لأي عدوان والتزم صلوات ربي وسلامه عليه بهذه الاتفاقيات بحذافيرها كما عاش النبي عليه السلام في وئام وسلام مع المنافقين الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر وكانت هذه الحقيقة واضحة من خلال الوحي واعتبر هذه المبادرة فاتحة خير كثير وانتصاراً كبيراً للأمة، وحين أبرم النبي عليه السلام صلح الحديبية مع كفار مكة أثار حفيظة بعض الصحابة المتحمسين كان من بينهم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجعله وأمثاله يعتبرونه مرادفا للذل والهوان ولكن أثبتت الأيام اللاحقة أن صلح الحديبية كان فاتحة خير كبير وانتصارات متلاحقة، إن مبادرة خادم الحرمين الشريفين تتشابه إلى حد كبير مع ميثاق المدينة وصلح الحديبية والظروف السائدة في تلك الفترة ويسودني التفاؤل بأن الله سيكتب للمسلمين خيرا كثيرا خاصة وأننا نعيش في عصر المنطق والحجة، العصر الذي أصبح فيه الإعلام أمضى سلاحا وأنجح وسيلة لكسب قلوب الناس، والإسلام دين الفطرة ومعنا قوة الحجة والمنطق والبرهان وبه نستطيع بكل ثقة واعتزاز أن نرفع راية الإسلام خفاقة في ربوع الأرض وقد جاء في كليلة ودمنة ما معناه (العاقل قد يفعل بحكمته ما يعجز عنه البطل المغوار) ولما انتصر التتر علينا بقوة السلاح غلبناهم وكسبناهم بقوة الحجة والبرهان. ولكي تؤتي هذه المبادرة الكريمة أكلها ضعفين أقترح أن يدرك الكتاب والمفكرون وصناع القرار في العالم الإسلامي حقيقة أن العلاقة بين الغرب والعالم العربي والإسلامي قامت لغاية التاريخ في الغالب على المواجهة والصراع لا التفاهم والتعايش، ومع استحضار سنة التدافع، والتنبه إلى أهمية عدم الانخداع بالطروحات الرومانسية الحالمة، وإدراك أن عالم اليوم، كما عالم الأمس، هو عالم الأقوياء، تحكمه موازين القوى لا قيم العدالة والإنسانية، ومع قناعتنا بأن العالم قد يتعاطف مع الضعفاء وقد يشفق على الضحايا لكنه لا يحترم إلا الأقوياء. مع إدراك ذلك كله، فإنه لا يبرر الاندفاع نحو الصدام والمواجهة، ولا يسوّغ الانجرار لنظريات الصراع الحضاري والنفخ في كيره والتوقف عن الدعوة للتعايش والتعاون في المشتركات. دون أن يعني ذلك الضعف والانكسار والردّ على القذيفة بالكلمة، فلكل منهما مكانه وساحته. كما إن المصلحة تقتضي عدم التعامل مع الغرب ككتلة واحدة. ولا بد من استثمار التباينات والخلافات في المصالح بين الأوساط الغربية، لتحقيق مصالحنا ودرء الأخطار عنا، التفريق بين مواقف الحكومات الغربية وبين مواقف الشعوب والأكاديميين والمفكرين والباحثين ومؤسسات المجتمع المدني. فإذا كان التأثير في مواقف الحكومات أمر صعب، فإن التأثير في المواقف الشعبية ومواقف النخب يظل ممكناً ومتاحاً. وينبغي الحذر عند الحديث عن الرأي العام الغربي من الخلط بين مواقف الشعوب ومواقف الحكومات، ولامندوحة أيضا عن الاهتمام بدور إعلامي فاعل يتوجه للغرب فالغياب شبه التام لإعلام عربي وإسلامي يخاطب الغربيين بلغتهم ويتفهم طبائعهم ونفسياتهم ويتجنب التلقين والدعوة المباشر، أتاح للمغرضين التفرد في توجيه الشعوب الغربية، والتأثير في مدركاتها عن العالم العربي والإسلامي. إن تجاوز الحواجز الجغرافية والسياسية، ومحاولة الوصول إلى الغربيين ومخاطبتهم مباشرة دون حواجز أمر ضروري، وقد يكون مستحسنا رفع الدعاوى القضائية ضد المؤسسات الإعلامية الغربية والشخصيات العامة التي تتورط بالإساءة للعرب والمسلمين، يمكن أن تكون سلاح ردع فاعل. فقد لوحظ أن وسائل الإعلام الغربية التي صدرت بحقها أحكام قضائية بالغرامة أو الاعتذار، اضطرت لتعديل مواقفها وتخفيف حدة عدائها وأخيرا لا بد من تفعيل دور الجاليات العربية والإسلامية في التواصل مع المجتمعات الغربية وفي تغيير الصور النمطية السلبية السائدة تجاه العرب والمسلمين. إن الجهود المخلصة تؤتي أكلها وإنني على يقين بأن الجولة الثالثة لسلسلة الحوار المزمع عقدها في نيويورك محكومة بنجاح كبير وإنتصار باهر لأنه سبقها وستتزامنها وستبقها الدعوات الخالصة المنبثقة من مهبط الوحي ومنطلق الرسالات، أسأل الله جل وعلا أن يبارك لحكيم الإنسانية ومنقذ البشرية الملك عبدالله بن عبدالعزيز في حياته وأن يوفقه لخدمة البشرية ليصبح بحق زعيم الإنسانية والربان الذي يقود السفينة إلى بر الأمان.