أمام هيبة الموت تصبح الذكريات أقوى من الكلمات، فعندما استعيد ذكرياتي عنك وإن كنت عرفتك فقط من كتاباتك التي غسلت وجداني منذ سنوات الدراسة وتعلمت منها الرومانسية المجنحة التي نقلت جيلي إلى عالم وردي دافئ قبل هجمة الانترنت وألعاب الأتاري.. رأيتك للمرة الأولى تقف أمام مكتب الجريدة كنت يومها صحفياً لامعاً وكاتباً مشهوراً وصورك تملأ الصحف والمجلات، سعدت يومها ولم يصعب عليّ التعرف عليك فأنت صاحب القلم الذي نقرأ كلماته المغموسة بمداد الوجدان والشوق، وكان هذا الموقف معك منذ أكثر من ثلاثين عاماً. أحسست حينها أن نخلة باسقة في قامة كلماتك نبتت في مخيلتي عنك، تلوح كلما تصفحت كتاباتك ظلت حاضرة في ذاكرتي وأنا أطالع صورتك مبتسماً للألم على سرير المرض.. يرحمك الله، ستبقى كلماتك الوردية دافئة في سفر المحبين.. تغسل القلوب العطشى لإكسير المحبة والصدق.. فأنت أستاذ هذا الجيل، كنت وستبقى واحة رومانسية خضراء يستظل تحت أغصانها الباحثون عن صدق الكلمة ونبل الاحساس وعمق المشاعر وحلاوة الغزل ودهشة الابداع. رحمك الله، لانملك لك إلا الدعاء وقد سرت إلى النهاية الحتمية لكل حي التي سار إليها قبلك المبدعون بأجسادهم وبقي لنا أثرهم نباهي به عندما تتبارى الأمم في ميادين الثقافة الانسانية والإرث الحضاري المميز. صالح عبدالله بوقري