(أعاهد الله ثم أعاهدكم ان اتخذ القرآن دستوراً والإسلام منهجا وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة، ثم أتوجه إليكم طالباً منكم أن تشدوا أزري وأن تعينوني على حمل الأمانة وألا تبخلوا عليَّ بالنصح والدعاء). بهذه الكلمات السامية الصادقة الشفافة الصادرة من قلب نقي تقي حنون عطوف شغوف بالتضحية والإيثار استهل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عهداً جديداً حافلاً بالانجازات الباهرة والمشروعات الحضارية والعصرية العملاقة والعطاءات السخية التي تدل على قوة الإرادة وحسن الإدارة بمهارة فائقة وفيه تجلت حنكة القيادة وحكمة الريادة التي أضاءت كل السبل لأبناء هذا الوطن المجيد ليصلوا بهذه البلاد الغالية إلى القمة التي لا بديل عنها. وفي هذه الأيام ونحن نحتفل بمناسبة حسنة وهي مناسبة بيعة خادم الحرمين الشريفين السادسة تخطر في بالنا ذكرى مبايعة أهل المدينة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بيعة العقبة أول بيعة في تاريخ الإسلام وبهذا النهج المنبثق من ثقافة اسلامية أصيلة في ديمقراطية الحكم اقتدى الملك المؤسس وسار على دربه أبناؤه البررة من بعده حتى عهد خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- حيث نسترجع بهذه المناسبة ذكرى مرور ستة أعوام مضت على بيعته الأولى - أطال الله عمره- وهو متمتع على الدوام بصحة جيدة إن شاء الله ملكا للمملكة العربية السعودية ، يقوم بقيادة سفينة البلاد بعزيمة وكفاءة عالية تنم عن حجم الطموحات الكبيرة التي رسمها منذ أن رفع راية الاصلاح والفلاح لاكمال مسيرة تلك المهمة التي حملها على عاتقه وبدأ أولى خطواتها منذ كان - حفظه الله- وليا للعهد ثم خوضه بشجاعة واقتدار الطريق التي اختارها لتحقيق الآمال والتي اعتمدها منهاجا له منذ أقسم للشعب وأقسم الشعب له بأن يكونوا جميعاً يداً واحدة ويسيروا في طريق واحد يبنون مملكة تسبق من كان قبلها ومن سيجيء بعدها- بإذن الله وتوفيقه- في التقدم الحضاري والعلمي والتقني والاجتماعي بحيث تصبح الطموحات البناءة في كل ساحة معلماً يضيء وراية ترفرف في عنان السماء تردد أناشيد البطولة والعزة والفخر والاعتزاز في كل الأرجاء بحجم هذا العطاء وضخامة ذلك البناء. ستة أعوام وقائد مسيرتنا الملك عبدالله رجل المواقف .رجل التاريخ والبناء والعطاء والسلام والخير والقيادة الفذة يسير بخطى راسخة قوي العزيمة يستمد العون والقوة من الله تعالى ثم من اخوانه الميامين ومن حكومته الرشيدة واقترابه من أبناء شعبه وادراكه لهمومهم ومطالبهم ومشاركتهم أمانيهم وتطلعاتهم ، حتى حقق التلاحم والتناغم النادرين بين القيادة والشعب، وهذا ما أكدته الأيام والمواقف الخالدة مع هذا القائد الإنسان وأبناء شعبه الوفي. ولاشك أن كل ذلك شكل حلقة محكمة في منظومة الحكم السعودي القائم على الرحمة والعدل والاحترام والعطف والانسانية والتقدير ، فبابه مفتوح دائما للزوار من خارج الوطن ومن أبناء الوطن في كل زمان ومكان مع التأكيد الدائم من قبله - سلمه الله - شخصياً وأيضاً من كل مسؤول في كافة قطاعات الدولة وفقهم الله على التواصل المباشر مع رعيته والوقوف على أحوالها والتعرف على احتياجاتها وتلبية رغباتها رعاية وتحقيقا لصالح الوطن والمواطنين. وتغمرني سعادة كبيرة وأنا أنتهز هذه المناسبة الجليلة التي تذكرنا بالكثير من الانجازات فأتشرف بمخاطبته - أيده الله- من خلال هذا المنبر الإعلامي التاريخي فأقول: ياخادم الحرمين الشريفين هنيئاً لكم ما انجزتموه وتنجزونه ياسيدي محلياً واقليمياً وعالمياً ونحن فخورون بذلك ، واعتزازنا كبير بكم وبرجال حكومة البلاد.والحمد لله أنكم تربعتم على عرش قلوب المواطنين.. وأنا واحد منهم حيث تمتعت بكل ما تمتع به سكان هذا البلد الطيب المبارك، ، كما أتشرف بأن أوجه لمقامكم الكريم أسمى وأبلغ عبارات الشكر والثناء في ثقافتنا الاسلامية فأقول: (جزاكم الله عني وعن المسلمين والناس أجمعين خير الجزاء) على حسن الأداء وخير العطاء وصادق الوفاء لكافة مناطق البلاد عموما ولأم القرى وما حولها على وجه الخصوص ، فهي مركز الأرض كلها وأنتم مواصلون مسيرة البناء التي وضع أساسها الملك المؤسس رحمه الله ، لأنه يعرف تماما مكانتها في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة، فانطلق من بيت الله الحرام من مركز الكون لتكون هذه البلاد كلها محط الأنظار ومهوى الأفئدة فهو على سبيل المثال لا الحصر أمر بتوسعة المسجد الحرام وشرع فيها، حتى حظي الآن المسجد الحرام منكم - رعاكم الله - بأكبر توسعة في التاريخ وهو الذي أمر بإنشاء السبيل خارج مبنى بئر زمزم حتى يخفف الزحام عند بوابة الدخول إلى البئر نفسه فإن ذلك السيل أصبح الآن في عهدكم مصنعاً آلياً حضارياً لتعبئة مياه زمزم، وهو الذي وحد البلاد وسميت في عهده المملكة العربية السعودية، وإذا كان الملك الباني قد اختار الملك فيصل - رحمهما الله - نائبا له في الحجاز فأنتم - رعاكم الله - قد شرفتمونا في منطقة مكةالمكرمة عموما ومدينة مكةالمكرمة خصوصاً باختيار خالد الفيصل - سلمه الله - أميراً لها ونحمد الله سبحانه وتعالى الذي وفق أمير هذه المنطقة خالد الفيصل فشرع في تنفيذ توجيهاتكم على أرض الواقع منذ أن تسلم مسؤولياته في عام 1428ه بكل صدق وأمانة واخلاص وعمت السعادة نفوسنا عندما جعل التنمية هدفه الأول ، حتى انطلق بتوفيق الله ثم بدعمكم - سلمكم الله - بعزيمة فولاذية لجعل منطقة امارته عموما في مصاف مناطق العالم الأول وتكون مكةالمكرمة محط الأنظار ولؤلؤة مدن العالم الأول على الإطلاق . وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون جميع مواطني بلادنا العزيزة عند مستوى طموحاتكم وآمالكم ياخادم الحرمين الشريفين - حفظكم الله دائما في حلكم وترحالكم - كما أرجوه جل في علاه أن تكون عطاءات وتجاوب وتعاون مواطني منطقة مكةالمكرمة عموما ومكةالمكرمة على وجه الخصوص من أهم العوامل التي تسهم في تحقيق رؤاكم وتطلعاتكم ياسيدي والوصول إلى تحقيق أهداف سمو أمير المنطقة - سلمه الله - في القريب العاجل إن شاء الله مؤكداً بأنني سأبذل أقصى الجهود ما حييت مساهما ومؤازراً ومتعاونا ومضحيا من أجل تحقيق تلك الأهداف السامية. وانني ياسيدي في هذه المناسبة أجدد العهد والولاء سمعا وطاعة لأكون مواطنا صالحا مخلصا لله ثم المليك والوطن يؤدي دوره على الوجه المطلوب إن شاء الله. وأخيراً وليس آخراً لا نجد ياسيدي في هذه البلاد عموما ومنطقة مكةالمكرمة على وجه الخصوص أثمن من أن نتجه بعقولنا وقلوبنا وجوارحنا إلى رب العزة والجلال لنسأله سبحانه وتعالى ندعوه قائلين: (اللهم إننا مددنا لك أيدينا فبعزتك استجب دعاءنا فاللهم احفظ لنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ، اللهم احفظه بالاسلام قائما، واحفظه بالاسلام قاعداً، واحفظه بالاسلام في حله وترحاله ، اللهم متعه بسمعه وبصره وقوته ما أحييته، اللهم اجعل في قلبه نوراً، وفي لسانه نوراً، وفي سمعه نوراً، وعن يمينه نوراً، وعن يساره نوراً ، ومن فوقه نوراً، ومن أمامه نوراً، ومن خلفه نوراً، واجعل له في نفسه نوراً، وعظم له نوراً، اللهم اجعل أعماله عندك يارب مقبولة، واجعله من أحسن عبادك نصيبا عندك، اللهم احفظه برحمتك ووفقه بإحسانك وفضلك ..ياسميع يامجيب ..لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين). وكل عام ومليكنا المفدى بألف خير وصحة وعافية ووطننا دائما إلى الأعالى والشعب السعودي الوفي في أرقى المراتب والرخاء المستمر والرغد الدائم إن شاء الله. والله الموفق.