مع اقتراب ساعة الصفر وقُرب موعد التنفيذ يقبع خلف أسوار سجن خميس مشيط العام السجين “عبدالله سعد آل يوسف الأحمري” (51 عاماً) منذ ما يزيد على 16 عاماً، حيث أصبح سجيناً مثالياً حافظاً لكتاب الله معروفاً ومحبوباً لدى الجميع مؤمناً بقضاء الله وقدره حامداً الله على ما قدّر وقضى, فضلاً عن أنه يساعد زملاءه السجناء ويحاول أن يخفف من آلامهم في مصابهم. وقال الأحمري ل “المواطن”: لقد حصل بيني وبيني زميلي وصديقي سعيد بن ناصر بن محمد عسيري خلافٌ ودخل الشيطان بيننا, وفي لحظة غضب حدث تبادل لإطلاق النار بيني وبينه وانطلقت طلقة من مسدسي تجاهه وليشهد الله عليّ أنني لم أكن أريد أن أقتله ولكن حدث ما حدث وأنا أكثر النادمين على ذلك. وأضاف الأحمر: من أصعب المواقف التي مرت بي وأنا بالسجن وفاة والدي وخالي -رحمهما الله-. وأوضح: من الأيام الصعبة أيضاً بقائي بالسجن الانفرادي لمدة عامين غير أنني -وبحمد الله- حفظت كتابَ الله. وقال الأحمري: من هذا المكان أوجه رسالةً إلى ورثة الدم وهم أسرة آل عامر من آل ويمن من قبيلة بني مغيد من عسير، وأبعث برسالة اعتذار والتماس للعفو وأقول لأهل الخير أتوسل إلى الرحمن الرحيم سبحانه، ثم لأهل الدم لما عرفناه وعرفه الجميع عن شهامة ومروءة وكرم أخلاق هذه الأسرة. وذكّر الأحمري ورثة الدم بقوله تعالى “وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى” وقوله تعالى “فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ”, وقوله تعالى “وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ”. وأكد الأحمري أنّ ما حدث لم يكن بقصد منه أو تعمد وإنما هو قدر الله الذي كتب في اللوح لا مفرّ منه، مشيراً إلى أنه نادم أشد الندم وأشد الحسرة على ما حصل وأنه تائب لله. وقال الأحمري: أخاطب فيكم القلوبَ الرحيمة لترحموا شبابي الذي ضاع خلف قضبان السجن وارحموا أمّاً تفطّر قلبها ودميت عينُها على ابنها الميّت الحي وترحموا أطفالاً تيتّموا ووالدهم على قيد الحياة، حيث يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- “الراحمون يرحمهم الرحمن” ويقول “ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من في السماء” ويقول “من سار في حاجة أخيه حتى يثبتها له ثبّت الله قدميه على الصراط” ويقول “ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه”. واختتم كلامه قائلاً: هذا نداء محروم متألم من مسجون، وإني على ثقة لا حدود لها بالله ثم بكم أن يجد ندائي في قلوبكم مكاناً وأن تطلبوا ما عند الله، فمهما حصل فأنا ابن من أبنائكم ومدين لكم ما دمت على قيد الحياة.