تواجه الأسرة السعودية تحديات جمّة باعتبارها نواة المجتمع، وكلنا يدرك أنّ بلادنا مستهدفة من قبل الأعداء الذين يسعون إلى تقسيمها طبًقا لمخطط تقسم البلاد العربية على أساس عرقي وطائفي وديني لتكون إسرائيل القوة الكبرى في المنطقة، وتتحوّل دولنا إلى دويلات متناحرة فيما بينها،وقد تمكّن أعداؤنا من اختراق بُيوتنا بتجنيدهم بعض أولادنا في جماعات إرهابية مسلحة تكلفهم حتى بقتل آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم، كما تمكنّوا من زعزعة عقائد بعض أولادنا وجرِّهم إلى الإلحاد؛ لذا جاء قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تنظيم مجلس شؤون الأسرة في وقته، علَّنا نستطيع حماية الأسرة السعودية من المخاطر المحدقة بها، وقد مضت سنوات على مطالبتي ومطالبة غيري بإنشاء هذا المجلس، فالوضع الأسري بات مقلقًا للغاية للأسباب التالية: 1- وضع الأم المسؤول الأول في تربية الأولاد تحت الوصاية الذكورية، وسلبها حقها في اتخاذ أي قرار يتعلّق بأي شأن من شؤونها، ووضعها تحت تسلّط وتعنت وقهر من جعلته أنظمة المجتمع وصيّاً عليها، فكيف تقوم بدورها في التربية وهي مقيدة في إرادتها وحركتها؟ وكيف يحترمها أولادها، وهي تُعنّف من آبائهم أمامهم؟ وكيف تربيهم على الثبات على عقيدة راسخة بالإيمان بالخالق جل شأنه، وهي تُمتهن من المجتمع أمامهم باسم شرع الله، وشرعه برئ ممّا نُسب إليه؟ 2- التطرّف الديني لدى بعض الآباء والأبناء، وما ترتب عليه من هروب الفتيان للانضمام للجماعات الإرهابية المسلحة، والتورط في عمليات إرهابية، وما طفح على السطح مؤخرًا من حوادث قتل بعض الأبناء لآبائهم، وقتل بعض الإخوة لإخوانهم. 3- جرائم العنف الأسري ضد المرأة والطفل، التي يصل بعضها إلى القتل، والاعتداء على المحارم. 4- إدمان المخدرات من قبل بعض الآباء والأبناء والبنات، وما يترتب عليه من عنف وجرائم. 5- جنوح أحد شباب الأسرة إلى الإلحاد. 6-هروب بعض الفتيات من بيوتهن. 7- زواج القاصرات، وارتفاع نسبة عضل الراشدات لأعراف وعادات قبلية، والتطليق لعدم الكفاءة في النسب. 8- ارتفاع نسبة الطلاق، حتى بلغت مائة حالة طلاق يوميًا. 9- ارتفاع نسبة البطالة، ولاسيما البطالة النسائية. 10-تعدد جنسية أفراد الأسرة، وقد يتعرّض الأب، أو أحد الأولاد غير السعوديين للترحيل. إنّ الهدف من إنشاء المجلس تعزيز مكانة الأسرة ودورها في المجتمع والنهوض بها، والمحافظة على أسرة قوية متماسكة ترعى أبناءها وتلتزم بالقيم الدينية والخلقية، وليقوم بدوره هذا يجب تعاون جميع مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني معه، فهي مسؤولية اجتماعية مشتركة؛ إذ يتطلب الأمر تصحيح الخطاب الديني بتصحيح نظرته للمرأة وتنقيته من الغلو والتطرف والفتاوى التكفيرية، وتغيير المناهج الدراسية وتعديل أنظمة وقوانين وسن أنظمة جديدة، ووضع خطة إعلامية توعوية، كما يتطلب إلحاق بمجلس شؤون الأسرة مركز بحوث ودراسات به مرصد وطني لدراسة كل هذه الظواهر، بعمل مسح جغرافي إحصائي لها، لمعرفة حجم كل ظاهرة، والوقوف على أسبابها لنتمكّن من علاجها، وقد اقترحتُ على الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان عند تأسيسي لمركز المعلومات والإحصاء والتوثيق إنشاء هذا المرصد، وقد رحبّ رئيس الجمعية آنذاك معالي الدكتور بندر حجّار بهذا المقترح، ولكن ميزانية الجمعية لم تسمح بتنفيذه. [email protected]