سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تأملات في خطاب "الجهاديين" خطاب هذه الجماعات الذي لا يحمل مشروعاً للحياة بقدر ما يبشر بالموت ويطرحه كمشروع مقابل أو بديل للحياة ، هو خطاب غرائزي لا علاقة له بالعقل ولا بالسياسة ولا بالرؤيا
img src="http://www.al-madina.com/files/imagecache/node_photo/anss_0.gif" alt="تأملات في خطاب "الجهاديين"" title="تأملات في خطاب "الجهاديين"" width="120" height="180" / بعيداً عن النظرية القائلة بأن أمريكا والغرب عموماً هم من خلق ظاهرة «الجهاديين» في أفغانستان إبان وربما قبل الاحتلال السوفييتي لهذا البلد في مطلع ثمانينيات القرن الماضي ، فإنني أرى بأن أمريكا والغرب لم يقوما بخلق الظاهرة بقدر ما قاما بتوظيفها لصالحهما في مواجهة الاتحاد السوفييتي وبقية أعدائه في المعسكر الشيوعي خلال ما كان يعرف بالحرب الباردة . نعم الأمريكيون والغربيون عموماً ، كان لهم الدور الأكبر في تحويل جماعة الإخوان المسلمين إلى تنظيم دولي عقب التصادم الذي حدث بين الجماعة وبين قادة ثورة يوليو في مصر عام 1954 ، وبالتحديد بعد حادثة منشية البكري الشهيرة بمدينة الإسكندرية .. إلا أن ظاهرة الجهاديين في أفغانستان ورغم كل الحديث عن وجود دور محوري لمستشار الأمن القومي الأمريكي في ذلك الوقت زبيغنيو بريجنسكي لخلقها ، تظل في رأيي ، ظاهرة لها ظروف خاصة نتجت عن المواجهة المباشرة بين الشيوعيين وقوى الإسلام السياسي في أفغانستان . السؤال الذي يطرح نفسه الآن وبعد كل هذه السنوات من ظهور تيار «الجهاديين المتشددين» الذين ينتمون إلى مختلف بقاع العالم الإسلامي : كيف استطاع الغرب ، وبمنتهى السهولة ، أن يوظف هذه الجماعات ويسخرها لتحقيق مصالحه ، رغم العوائق الأيديولوجية التي يفترض أن تحول بين هذه الجماعات وبين تلقي الدعم من الغرب والانخراط في التنسيق معه ؟ وكيف استطاع الأمريكيون والغربيون وما زالوا ، توظيف هذه الجماعات من خلال الإيحاء لهم بأن مصالحهم تتقاطع معها في العديد من الدول ومن خلال العديد من محاور الصراع في العالم اليوم ؟ في رأيي أن وقوع هذه الجماعات في براثن الغرب يبدو معقولاً ومفهوماً جداً ، إذا ما أخذنا في الاعتبار الواقع الذي يقول بافتقار هذه الجماعات للمشروع والرؤيا وغرقها فيما يمكن أن نطلق عليه : الأمية السياسية . أما إذا أضفنا إلى العامل السابق ذكره ، طبيعة خطاب هذه الجماعات الذي ينظر إلى القتل والإبادة الجماعية باعتبارها غايات في حد ذاتها ، فإننا لا بد وأن نفهم قوة تأثير من يمدهم ويسمح بإمدادهم بالسلاح ، على قرارهم كجماعات «جهادية» تسعى كما تقول ، ودون أن يكون لها مشروع أو رؤيا أوخطة استراتيجية ، إلى إلغاء الدولة الوطنية والهوية القومية ، لصالح ما يسمونه بدولة الخلافة ولصالح فهمهم المغلق والمتشدد للهوية الإسلامية . خطاب هذه الجماعات الذي لا يحمل مشروعاً للحياة بقدر ما يبشر بالموت ويطرحه كمشروع مقابل أو بديل للحياة ، هو خطاب غرائزي لا علاقة له بالعقل ولا بالسياسة ولا بالرؤيا . ولو تأملنا ما حدث في أفغانستان من اقتتال عنيف بين هذه الجماعات عقب انسحاب الاتحاد السوفييتي من هذا البلد ، فإننا سنقف على حجم وخطورة المكانة التي تحتلها الغرائزية في خطاب وسلوكيات هذه الجماعات التي لا تجيد سوى الانخراط في الاقتتال حتى ولو ضد بعضها البعض . الغرائزية لا تنتج سوى الاقتتال والقتل حتى في ظل انعدام وجود غاية لذلك . [email protected]