اعتاد الكثير من أهالي مكة على وجه الخصوص وأهالي الحجاز عمومًا على إقامة عقود قران أبنائهم وأقاربهم داخل أروقة المسجد الحرام وهو مشهد اعتاده زائرو المسجد الحرام بشكل دائم منذ زمن بعيد، والذي عادة ما يكون في نهاية الأسبوع ويزيد بشكل واضح في الإجازات الصيفية حيث يجتمع كتاب عقود الأنكحة ليعقدوا قران من جاءهم من جميع المناطق الحجازية ومن الجنسيات المختلفة، فيما بدأت هذه العادة بالاختفاء شيئًا فشيئًا بسبب زيادة أعداد مرتادي المسجد الحرام وصعوبة إيجاد مواقف مجاورة للحرم، والتي لها الباع الأكبر في اندثار هذه العادة المكية القديمة. يقول العريس هاني كابلي أنه يجد روحانية في وجوده في المسجد الحرام فكيف بعقد قرانه. وأضاف: اخترت المسجد الحرام على غيره من المساجد لأنه المكان المحبب لدى المسلمين، وأن الأغلبية من أهالي مكة كانوا يعقدون قرانهم فيه فأحببت أن أشعر بشعورهم الذي لا يوصف في أفضل بقعة على وجه الأرض. فيما ذكر سمير بقنة والد أحد العرسان أنه سعيد جدا بعقد قران ابنه داخل المسجد الحرام. وقال اعتدنا على هذا النوع من المناسبات داخل المسجد الحرام حيث تم عقد قراني فيه، والآن يتم عقد قران ابني. وأضاف: وكانت العادة بعد نهاية إشهار عقد القران يتم تقديم القهوة والتمور وتوزع الحلوى على أهل العروسين وبعض زوار المسجد الحرام الذين يتوقفون لمشاهدة مراسم عقد القران. ويقول حماد الأنصاري عن الوقت المحبب لدى المكاويين لعقد قرانهم فيه بالحرم المكي الشريف فالغالب ما يكون بين صلاتي المغرب والعشاء مما يتيح للحضور أداء صلاتي المغرب والعشاء داخل المسجد الحرام فيما يتجه البعض إلى إقامته بعد صلاة العصر، وعن أكثر الأيام التي يوجد فيها العرسان لعقد قرانهم هي إجازة نهاية الأسبوع والعطلة الصيفية. ويقول صالح اليافعي أحد المهتمين بهذا التقليد القديم أن توجه المكيين إلى الاحتفال بتلك المناسبة بهذه الطريقة تعود إلى تقاليد قديمة دأب عليها أهالي مكة عند إبرام عقود زواج أبنائهم أو أقاربهم، وهو عرف تقليدي اعتادوا عليه منذ سنوات طويلة، وكان أهم أسبابه في الماضي قلة التكاليف ومباركة الجميع في الاحتفال فضلا عن أنه لا يخرج عن البساطة في التعبير والاحتفال وأن عقد القران لا يستغرق أكثر من نصف ساعة. وأضاف اليافعي: كان يجلس أكثر من كاتب نكاح حاملا حقيبته المحتوية على الدفتر الخاص بتسجيل العقود، حيث اعتاد العديد من الأهالي على القدوم مباشرة إلى الحرم من دون تنسيق مسبق لإبرام العقود، كون الأمر لا يتطلب سوى حضور ولي أمر العروس وشاهدين، إلى جانب إحضار بعض المستندات الرسمية. من جانبه قال كاتب عقود الأنكحة محمد علي أن بعض الفقهاء يرون أن يكون العقد في المساجد للبركة وأن المسجد الحرام محل للبركة، مشيرًا إلى بعد الناس عن هذه العادة بسبب كثرة الزحام وعدم وجود مواقف مجاورة مما يشق على الحضور الوصول بسهولة في الوقت المناسب. وأضاف: يحضر البعض من جدة والطائف للعقد في الحرم في الإجازة وهو المكان المحبب لدى أهل مكة.