يقدم المكيون منذ قرون على مراسم عقد النكاح في محيط بيت الله الحرام، ولا تزال كثير من الأسر تحرص على هذا التقليد حيث يتجمع أهل العريس والعروس في البيت العتيق وتحديدا أمام باب الملك ومعهم «المأذون» ليتم عقد النكاح بجوار باب الحرم، وبعدها ينتقل الجميع لتهنئة العريس الذي تزدان ملامحه بابتسامة عريضة توضح سعادته بما جرى. محمود بيطار عمدة حي الهجلة يشير إلى أن الذهاب إلى المسجد الحرام من العادات الجميلة والقديمة متأصلة لدى المجتمع المكي، فكان قديما يهتم بها الآباء وانتقلت للأبناء وهو عرف وتقليد منذ أعوام؛ حيث يحرص على الحضور أصدقاء وأقارب العريس لأجل توثيق العقد والاستماع للأحاديث والأدعية التي تكال للعروسين في مجلس المشاركين في هذه الفرحة الخالدة في ذهن العريس ومشاركيه الفرحة. ويوضح أسعد سخاخني أن «أهل مكة اعتادوا أن يقيموا عقود الزواج في بيت الله الحرام، وهو مشهد درج الناس على مشاهدته باستمرار داخل الحرم المكي الشريف، كما أنه منظر مألوف حيث يسعد العرسان بهذا الأسلوب الذي يفخرون به، وبه تزداد فرحتهم أكثر بأن من الله تعالى عليهم بهذا الكرم والنعمة المتمثلة في مشاهدة المسجد الحرام وعقد القران فيه». ويضيف رائد حناوي إنها «عادة مكية خالصة تتوارثها الأجيال وتصب في مصلحة الأسرة وتجعل من هذا الأسلوب والنهج رغبة متبادلة بين العريس والعروس ليتم القران، وفي نهاية عقده تقدم القهوة وأنواع التمور، كما توزع أصناف شتى من الحلويات على أهل العروسين، وأيضا بعض رواد المسجد الحرام الذين يتوقفون لمشاهدة مراسم عقد القران والمباركة للطرفين بهذا الزواج». عقد النكاح في المسجد أفتى الشيخ إبن عثيمين، رحمه الله، باستحباب عقد النكاح في المسجد «لا أعلم له أصلا ولا دليلا عن النبي، صلى الله عليه وسلم، لكن إذا صادف أن الزوج والولي موجودان في المسجد وعقد فلا بأس؛ لأن هذا ليس من جنس البيع والشراء، ومن المعلوم أن البيع والشراء في المسجد حرام، لكن عقد النكاح ليس من البيع والشراء، فإذا عقد في المسجد فلا بأس، أما استحباب ذلك بحيث نقول: اخرجوا من البيت إلى المسجد، أو تواعدوا في المسجد ليعقد فيه، فهذا يحتاج إلى دليل، ولا أعلم لذلك دليلا. السائل: بعضهم يشابه في ذلك النصارى حيث يعقدون النكاح في الكنائس؟ الشيخ: لا، هذا ليس على بالهم إطلاقا، حتى العلماء الذين استحبوه استحباب علماء من علماء الشريعة ليس لهم دليل، لكن قالوا: إن «أحب البقاع إلى الله مساجدها» وهذا بيت الله وينبغي أن يكون عقد النكاح فيه، لكن هذا التعليل إذا لم يكن فيه سنة خاصة، بحيث إن الرسول يذهب إلى المسجد ويعقد النكاح هناك فإنه لا ينبغي أن يقال: إنه مستحب».