التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز ليست جديدة، إذ دأبت طهران على أن تكون تلك اللغة هي الدارجة في خطابها السياسي إقليميًا ودوليًا، وهي سبق وأن هددت بإغلاق هذا المضيق البحري الحيوي أكثر من مرة، بالرغم من معرفتها بأن تلك اللغة شكلت أحد أهم الأسباب التي أدَّت إلى عزلتها الدولية، لاسيما وهي تلوح باتخاذ هكذا إجراء من شأنه تهديد المصالح الاقتصادية للعالم أجمع. فإغلاق مضيق هرمز الذي يمر خلاله نحو 40 % من شحنات النفط العالمية، بما في ذلك الشحنات الإيرانية نفسها، يعني زيادة أسعار النفط إلى ضعف الأسعار الحالية التي ارتفعت فعليًا بمجرد صدور التهديدات، ويعني أيضًا تبني طهران لخيار شمشون (علي وعلى أعدائي)، أولاً لأن هذا المضيق يؤمن نصف إيرادات ميزانيتها تقريبًا من صادرات النفط التي تمر عبر المضيق، ولأنَّه سيزيد من عزلتها الدولية، وثانيًا: لأن الإغلاق سيرجح الخيار العسكري أمام واشنطن، وسيوجد المبرر اللازم لشن ضربة عسكرية لإعادة الملاحة إلى الممر وأيضًا لضرب منشآتها النووية. هنالك من يرى أنه ينبغي أخذ التهديدات الإيرانية هذه المرة على محمل الجد، لا سيما وأنها تتزامن مع اختباراتها لصواريخ بعيدة المدى خلال مناوراتها البحرية المستمرة منذ أسبوع، كما أن تصريح نائب الرئيس الإيراني مؤخرًا الذي ربط فيه بين فرض دول الغرب عقوبات على النفط الإيراني وإقدام إيران على إغلاق المضيق يؤكد على إمكانية حدوث سيناريو الإغلاق، خاصة في ظل تأكيد البحرية الأمريكية بأنها لم تسمح بتعطيل الملاحة في المضيق. يمكن القول في المحصلة إن التهديدات الإيرانية تهدف ضمن ما تهدف إليه إلى توجيه الرسالة إلى الغرب بأن تطبيقه عقوبات جديدة تتعلق بصادرات النفط الإيرانية خط أحمر، بيد أنه يظل تهديدًا يدخل في إطار محاولات إيران الدائبة لدفع الغرب إلى وقف مسلسل العقوبات التي تزداد وطأتها بشكل متصاعد، وأيضًا محاولة لصرف الأنظار عن عدم احترامها لواجباتها الدولية، إلى جانب دلالة توقيت المناورات والتهديدات مع تطورات الأحداث في سوريا، وصرف أنظار العالم عن تلك التطورات وإعطاء نظام الأسد المزيد من الوقت والفرص لإنهاء الاحتجاجات الشعبية.