بدأت إيران مناوراتها في الخليج العربي وبحر عمان في 24/12/2011م، وصاحب ذلك تدريبات على إغلاق مضيق هرمز، مستعرضة عضلاتها، ومثيرة زوبعة من التصريحات وردود الفعل حول استعدادها لإغلاق المضيق أمام الملاحة الدولية كرد فعل منها إذا ما صعد الغرب العقوبات ضدها بفرض عقوبات جديدة على تصدير نفطها، أو في حال شنت الولاياتالمتحدة أو إسرائيل هجمة عليها بسبب برنامجها النووي. ادعت أن لديها القدرة على إغلاق المضيق «كشربة ماء»، نتج عن ذلك حرب كلامية بينها والولاياتالمتحدة وحلفائها، وأعزت بعض التحليلات إلى أن تهديد إيران بإغلاق المضيق مرتبط باشتداد الضغوط الغربية عليها، وأن المناورة نابعة في الأصل من شعورها بالضعف أمام الضغوط العالمية ولذلك حاولت إيران توتير العلاقات مع الغرب لصرف النظر عن وضعها المتدهور داخليا، ومع هذا وعدت إيران بإجراء مناورات مختلفة في فبراير 2012م. أو قد يكون المقصود من المناورات الإيرانية والتهديد بإغلاق مضيق هرمز هو ضرب عصفورين بحجر واحد: تخويف دول الخليج العربية من تعويضها النقص في حالة إيقاع الغرب الحظر على النفط الإيراني، وكذلك ردع الغرب وثنيه عن فرض مزيد من العقوبات، أو لابتزازه في القضايا المختلف عليها بين الطرفين، إضافة إلى إخافته من إيقاف النفط عنه جراء إغلاق المضيق. ومعلوم تحذير إيران دول الخليج العربية من التعويض إذا ما فرضت العقوبات على نفطها، وقد شن الملالي في إيران حملة مسعورة من التهديد والوعيد على دول الخليج العربية بهذا الصدد. وفي ظل هذه الأجواء والأحوال فقد تكون إخافة دول الخليج العربية أقرب إلى الذهنية الإيرانية، وتأخذ أولوية لديها، ذلك لأن إيران أضعف من أن تقف ضد العالم، فإغلاق المضيق يعتبر خطا أحمر كونه شريانا حيويا وفيه استفزاز للغرب وللعالم كله، وإغلاقه يوقف نسبة كبيرة من الصادرات النفطية إذ يمر خلاله حوالى 40% من صادرات النفط الدولية، ويتسبب في حرب لا محالة. من ناحية أخرى قد يكون من وراء المناورات والتهديد بإغلاق مضيق هرمز اختبار قوة الولاياتالمتحدة، خاصة وهي في عهد الرئيس باراك أوباما تفضل الحوار على الحرب. إلا أنه بعد أن تأكد لإيران تحذير الولاياتالمتحدة بأنها سترد بشكل مدمر على محاولة إغلاق المضيق، تراجعت عن تهديدها بإغلاقه لأن ذلك في الحقيقة سيكون بمثابة «القشة التي قصمت ظهر البعير»، وسيتسبب ذلك في حرب مهلكة: انتحار ليس إلا. وتراجع إيران من تهديدها بإغلاقه يوضح تخبط سياسة إيران أمام مواجهة مشكلاتها الداخلية والدولية، وينطبق عليها في هذه الحالة قول جرير: «زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا .. أبشر بطول سلامة يا مربع».. وبافتراض تحقق إغلاق المضيق، فإن العالم، وخاصة الغرب لن يسمح بمرور السفن من وإلى إيران، وبذلك تكون إيران كالذي يطلق النار على نفسه، إذ ينطبق عليها المثل المعروف «جنت على نفسها براقش» ، وبهذا تزداد الحالة الاقتصادية في إيران سوءا على سوء..