في الإيمانيات والعقائد، ليس هناك أرضية أو مركز وسط يمكن الالتجاء إليه. ففي حالة التذبذب الفكري في المواقف، ليس – على سبيل المثال – إمكانية احتلال مركز بين الكفر والإيمان. والسبب هو عدم وجود تلك المساحة أصلاً أو حتى وجود مكان لنقطة ارتكاز. لذا يكون موقف الإنسان، «إمّا شاكراً وإمّا كفوراً» كما جاء في محكم التنزيل فلا وجود لاختيار ثالث. وعلى منوال مزدوجة الكفر والإيمان، تأتي المزدوجات الأخرى المشابهة لها. فليس هناك إخلاص، ونصف إخلاص، وربع إخلاص، ولا إخلاص؛ لرجل مخلص، ونصف مخلص، وربع مخلص، وغير مخلص. وكذلك في الولاء. وكما أن الرجل إما يكون مخلصاً أو غير مخلص فهو إما يكون له ولاء لبلده وقومه، أو يكون ولاؤه لبلد آخر، وقوم آخرين. «ومن يتولّهم منكم فإنه منهم» ومن أصدق من الله قيلا؟ فعسى أن يكون الذين أثاروا الفتنة في «العوّامية» ممن جهلوا وغُرّر بهم، ولم يكونوا من الناكرين الجاحدين لوطنهم وقومهم، الموالين لغيرهم. فكيف يكون للمرء ذمة وعهد إن كان يحارب الوطن الذي تربى على ترابه، واستظل سماءه، وأكل من خيراته، وتأصلت فيه جذوره؟ نأمل أن يقوم الحكماء والكبراء في المنطقة باحتواء هذا الأمر الخطير الذي يطعن خاصرة الوطن، ويهتك أمنه، ويرفع الرشاشات عليه،ويجانب الصواب والعقل والمنطق. كما نأمل أن يكون لهم دور فاعل باجتثاث المفاهيم المستوردة الخاطئة، وبترسيخ أسس المواطنة والوحدة والانتماء.