نشر الخبز في الأراضي البيضاء على جنبات الطرق داخل الأحياء أصبح ظاهرة ملحوظة للعيان أبطالها وافدون مخالفون لنظام الإقامة والعمل أغلبهم من النساء الإفريقيات، بل وصل الأمر بهم إلى افتراش جنبات طريق الحرمين بإتجاه الجنوب حيث ينثرون الخبز بغرض تجفيفه تحت أشعة الشمس ومن ثم بيعه على أصحاب الماشية!!. وهذه الظاهرة ليست جديدة، لكنها كانت محدودة ومحصورة في بعض أحياء جنوبجدة، لكن الوضع اختلف الآن، ففي ظل قصور الدور الرقابي الحكومي على أعمال الصيانة والنظافة، تتمادي العمالة الوافدة وتصرّ على تحويل هذه المدينة التي عرفت عبر تاريخها الطويل ب «عروس البحر الأحمر» إلى مدينة أخرى تنتشر فيها الفوضى وتعج بالكثير من المخالفات!. «المدينة» رصدت هذه الظاهرة والتقت عددا من أطرافها، واستطلعت آراء عدد من المعنيين بمكافحتها. غياب الدور الرقابي بداية تحدثنا مع عدد من المواطنين من سكان هذه الأحياء التي تشهد انتشار الظاهرة، منهم حمزة العيافي، سالم الأنصاري، ووائل العبدلي، حيث قال العيافي أحد سكان حي كيلو11: جدة تعاني من نقص خدمات النظافة والصيانة بشكل كبير، ففي ظل غياب الدور الرقابي تصرّالعمالة الوافدة، وبصفة خاصة فئة مجهولى الهوية من الأفارقة والبنغلاديشين على تحويل عروس البحر الأحمر إلى مدينة متخلفة متردية بيئياً. ويشاركه الرأي العبدلي من سكان حي الروابي ويضيف قائلاً: كل صباح أرى بعيني وتحت أنظار جميع سكان أحياء جنوب ووسط جدة عمال النظافة عند حضورهم يومياً لبدء أعمالهم بتنظيف الشوارع، حيث يقومون بتنفيد حاويات النفايات حسب ما يحتاجونه أو يستفيدون منه، يستخرجون الخبز الموجود داخلها ويجمعونه في أكياس على حدة، وكذلك علب المشروبات الغازية في كيس آخر، ومن ثم يذهبون لأماكن تواجد الإفريقيات «الحجّات» لبيعها إليهن، ومن ثم تقوم النسوة بنثر الخبز على مسطحات داخل الأراضي البيضاء وسط الأحياء وتحت أنظار الجهات الحكومية والرقابية ويترك الخبز هناك بغرض تجفيفه بواسطة أشعة الشمس. وتساءل وائل: لماذا لايتم تخصيص أراضٍ أو أماكن لتجميع الخبز بها إذا كان لا بد من ذلك ؟ مشيرا إلى أن ما يساهم في تفشي هذه الظاهرة، هم أرباب المواشي الذين استغنوا عن الشعير مرتفع السعر ولجأوا للتعويض عنه بالخبز المجفف من «سيدات الأعمال» الجدد - يقولها ساخراً. نريد تعاونا وتنسيقا فاعلا كما تحدث ل «المدينة» سالم الأنصاري (متقاعد من إدارة التربية والتعليم) قائلاً :في الوقت الذي نرى ونشهد العمل جاريا على قدم وساق لإعادة تأهيل البنية التحتية لمدينة جدة والتي يسعى صاحب السمو الملكي الأمير المبدع خالد الفيصل جاهداً لتطويرها، ويعطي معظم وقته للوقوف على هذه المشاريع والانشغال بها لإنجازها في أسرع مدة وبأعلى جودة، نجد بعض الجهات الخدمية وبكل أسف تتراخى في أداء دورها، حيث نشهد ترديا واضحا في مستوى النظافة بمدينتنا الحبيبة. وزاد: أنا لا ألوم أمانة جدة وحدها، إنما ألوم كذلك الجوازات التي تركت هؤلاء الإفريقيات في شوارع وأحياء جدة إما لممارسة التسول، أو تجميع الكراتين والعلب الفارغة وإنتهاءً ببقايا الخبز، وكذلك الشرطة يجب أن تمنعهن من مواصلة تشويه صورة جدة، إلا أن واقع الحال أن كل جهة ترمي باللائمة على الأخرى، نحن نريد تعاونا وتنسيقا وثيقا فيما بينهم بحيث يكون هناك تكامل فعّال لحل هذه المشكلة على غرار اللجان التي شكلت لحل مشكلة سيول جدة والتي لمسنا منها مخرجات إيجابية. المجلس البلدي: سنتصدى للظاهرة من جانبه أوضح رئيس المجلس البلدي بجدة حسين بن علوي باعقيل أن المجلس دائماً ما يتصدى لمثل هذه الظواهر السلبية من خلال مخاطبته للجهات المختصة والمتابعة الميدانية لمعرفة مدى عمل تلك الجهات، وما يقوم به عدد من الوافدين الذين يتخذون من عمليات نبش الحاويات طريقا للبيع والتكسب. وأضاف بأن المجلس لا يألو جهداً في سبيل الحفاظ على البيئة وصحة المواطن كون ما يقوم به بعض الوافدين مخالفا للأنظمة، مهيباً بالجميع التعاون مع الجهات ذات الاختصاص لمحاربة أي ظواهر سلبية. الأمانة: سنتقصى الحقيقة وعلق مصدر مسؤول في قطاع خدمات المرادم والنظافة بأمانة جدة على هذه الإشكالية، بأنهم سوف يتقصون عن هذا الموضوع، وفي حال ثبوته سيتم وضعه في اولويات العمل لديهم وسوف يتخذون الإجراء اللازم للقضاء على هذه الظاهرة . تحذير بيئي إلى ذلك حذر الناشط البيئي الدكتورعلي عشقي أستاذ علم البيئة بجامعة الملك عبدالعزيز من خطورة الوضع، مؤكدا أن هذا الأمر بحد ذاته خطير على البيئة العامة في جدة، وقال: «لا أعلم لماذا يتم السكوت عنه وتجاهله، أنا أطالب الجهات المختصة بعدم التهاون في التعامل مع هذا الظاهرة ويجب أن تقوم بإزالة هذه المواقع وإخلائها فورا من كميات الخبز المكدسة لأنها يمكن أن تتسبب في إنتشار العديد من الأمراض والأوبئة، وتفشي الروائح الكريهة التي تصدر من الفطريات مع عملية تكديس الخبز، ومن ثم انتشارالقوارض وتكاثرها بعد أن توفرت لها الناحية الغذائية، بجانب إهمال سيارات الخردة المنتشرة أيضاً داخل هذه الأراضي وسط الأحياء التي توفر لها الملاذ الآمن والبيت الدافئ، وهكذا تكون النتيجة تكاثر هذه القوارض وهو الأمر الذي يعود بمردود سلبي على صحة السكان والبيئة.