دارت أمس معارك عنيفة في طرابلس بالقرب من مقر العقيد معمر القذافي الذي سقط في يد الثوار الذين أعلنوا عن مكافأة بقيمة 1,7 مليون دولار للقبض عليه حيًا أو ميتًا. وتمكن نحو ثلاثين صحافيًا أجنبيًا كانوا محتجزين منذ الأحد في فندق ريكسوس بوسط طرابلس من مغادرته بعد ظهر أمس. وغادر الصحافيون الفندق حوالي الساعة 15,00 ت غ، بعد أن كان حراس موالون للقذافي يمنعونهم من ذلك منذ الأحد الماضي. وتوجهوا إلى فندق كورنثيا في العاصمة الليبية. إلا أن المعارك استمرت في حي باب العزيزية وحي أبو سليم المجاور حيث تتمركز القوات الموالية للنظام، وفقا لمراسل لفرانس برس في المكان. وارتفعت سحابة كثيفة من الدخان من منطقة مجمع باب العزيزية حيث كانت تسمع أصوات إطلاق رشاشات خفيفة وثقيلة وانفجار قاذفات مضادة للدروع وقذائف هاون. وقال مقاتلون: إنهم يقومون بمناورة لمباغتة مقاتلي القذافي. وخلا العديد من الطرق في وسط طرابلس بسبب انتشار عشرات القناصة الموالين للقذافي، كما قال مقاتلون من الثوار. من جهته، قال مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي خلال مؤتمر صحافي في بنغازي: «المقربون من دائرة (معمر القذافي) الذين يقتلونه أو يعتقلونه سينالون العفو الذي يضمنه الشعب». وأضاف «لن ينتهي نظام معمر القذافي طالما لم يعتقل حيًا أو ميتًا»، مؤكدًا أن «سلوكه يجعلنا نخشى كارثة» دون مزيد من الإيضاحات. وقال «أنصاره سيواصلون إطلاق النار طالما لم يعتقل». ولا يزال الغموض يكتنف مكان القذافي الذي تحدى الثوار مجددا في رسالة صوتية بثتها قناة الرأي التي تبث من دمشق وقال: إنه تجول متخفيًا في طرابلس ودعا مؤيديه إلى «تطهير» العاصمة الليبية من «الجرذان». وقال القذافي المتواري عن الأنظار: «خرجت في طرابلس دون أن يراني الناس متخفيًا». وأضاف «احيي الشباب الثوريين الذين التقيت بهم في طرابلس»، داعيًا «كل القبائل الليبية إلى تطهير طرابلس من الجرذان» ويعني بذلك الثوار. وكان الزعيم الليبي أكد في كلمة صوتية بثت سابقًا أن سيطرة الثوار الليبيين الثلاثاء على مقره العام في باب العزيزية بطرابلس لم يكن سوى «انسحاب تكتيكي» من جانبه. وفي الشرق، واصل الثوار الليبيون تضييق الخناق على سرت، مسقط رأس معمر القذافي ومعقله، حيث بدأت محادثات مع القبائل المحلية للاتفاق على دخول المدينة بشكل سلمي. وتقدم الثوار الثلاثاء 80 كلم نحو المدينة واستولوا على مرفأ راس لانوف النفطي على بعد 130 كلم شرقا. وفي اليوم نفسه أطلقت كتائب القذافي عدة صواريخ سكود من ضواحي سرت باتجاه منطقة مصراتة التي يسيطر عليها الثوار، حسب ما أعلن هؤلاء. إلا أن الثوار واجهوا مقاومة غير متوقعة من القوات الموالية للقذافي في بن جواد (شرق) تعرقل زحفهم نحو سرت. وقال قائد الثوار على الجبهة الشرقية فوزي بوقطيف في لقاء مع الصحافيين في مقر قيادة التمرد في زويتينة التي تبعد 150 كلم عن بنغازي غربًا: «لقد فوجئنا بالأمر بعد أن كنا نعتقد أنهم سيستسلمون بعد سقوط مقر القيادة العامة» للقذافي في طرابلس مساء الثلاثاء. وفي بنغازي اعتبر المتحدث العسكري باسم الثوار احمد عمر باني أن السيطرة على سرت «مسألة وقت». من جانبه أعلن موسى إبراهيم المتحدث باسم النظام الليبي صباح أمس أن أكثر من 6500 متطوع وصلوا في الساعات الماضية إلى طرابلس، واعدًا بمد المتطوعين بالذخيرة والسلاح. وقال في تصريح لمحطة العروبة التلفزيونية بثه الموقع الالكتروني لمحطة الليبية التابعة لنجل الزعيم الليبي سيف الإسلام القذافي والمتوقفة عن البث أن «أكثر من 6500 متطوع وصلوا في الساعات الماضية إلى طرابلس». وردا على سؤال لقناة فرانس 24 حول المواقع التي يمكن أن يتواجد فيها القذافي، قال رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل «العلم عند الله (...). أتوقع انه غادر طرابلس». في ما يتعلق بمصير القذافي، قال عبد الجليل: إن «الرأي السائد بين أعضاء المجلس الوطني الانتقالي هو محاكمة القذافي وأعوانه في ليبيا». وتابع «عهد القذافي ولى، حتى وإن كانت النهاية الحقيقية في إلقاء القبض عليه وإدانته بالجرائم التي ارتكبها». ووعد بإجراء «الانتخابات التشريعية (...) والرئاسية في غضون ثمانية اشهر. نريد حكومة ديموقراطية ودستورا عادلا». من جهة أخرى، أعلن ساركوزي الأربعاء في ختام لقاء مع الرجل الثاني في المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا محمود جبريل أن مؤتمرًا «لأصدقاء ليبيا» يفترض أن يعد مرحلة ما بعد القذافي، سيعقد في الأول من سبتمبر في باريس. وقال ساركوزي في مؤتمر صحافي في قصر الاليزيه مع جبريل «لقد قررنا بالاتفاق التام مع ديفيد كاميرون (رئيس الوزراء البريطاني) الدعوة إلى مؤتمر دولي كبير لمساعدة ليبيا الغد الحرة لنظهر أننا ننتقل إلى المستقبل». وأعلن ساركوزي أيضا أن العمليات العسكرية في ليبيا ستتوقف عندما لا يعود الزعيم الليبي معمر القذافي والمقربون منه «يمثلون تهديدا للشعب الليبي». وقال «العمليات العسكرية ستتوقف عندما لن تعود ضرورية، عندما لا يعود القذافي وأتباعه يمثلون تهديدا للشعب الليبي». من جهتها، أعربت الولاياتالمتحدة عن ثقتها بقدرة المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا لتشكيل حكومة بعد السيطرة على طرابلس. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست: إن واشنطن لا تملك أية معلومات حيال فرار محتمل لمعمر القذافي من بلاده. من جانبها، أعلنت نيكاراغوا على لسان مستشار رئيسها استعدادها لتوفير اللجوء السياسي للعقيد الليبي، على الرغم من عدم تلقي أي طلب بهذا الخصوص.