من الطبيعي جدًّا أن يتخذ العاقل مواقفه في حياته الخاصة أو العامة وفق ظروفه هو، أو ما يتناسب مع الظروف المحيطة به، وبالذات فيما يتصل بالنواحي المالية، فهذه النواحي لها تأثيراتها الواضحة التي لا مراء حولها على كل نواحي الحياة، وبناء على تلك التأثيرات فإن من المعقول لدى العقلاء أن تكون المواقف متناسبة مع الظروف ومع المستجدات الطارئة. كثير من الآباء والأزواج وغيرهم يتحملون من الضغوط داخل أسرهم ما لا يقدرون على تحمله، حيث يضطر كثير منهم إلى عالم الديون التي تتراكم كل يوم حتى تنوء ظهورهم بحملها، وكم من حالات انتهى بها المطاف إلى السجون، أو على الأقل الحرج مع أصحاب الحقوق، ولو أردنا التفتيش عن سبب هذه الحالات لوجدنا أنها في الغالب الضغوط الأسرية من الزوجة أو الأبناء والبنات، وأحيانًا من الأقارب، والعجيب أن الفئة التي يقع على رأسها هذا الهم تحاول الفكاك ممّا هي فيه، لكنها تعتقد أن لا مناص عمّا أصيبت به وهي تشعر بضعف موقفها أمام الضاغطين، ولذلك لابد لها من الاستسلام ورفع الراية البيضاء، بحجة محاولة إرضاء تلك الأطراف. ولو سألتها عن ذلك لأجابت بقولها: إيش نسوي؟ حكم القوي على الضعيف..! بعض هؤلاء المضغوطين يجدون لهم ملاذًا في بعض الأحاديث النبوية الشريفة، ولعلهم بهذا يريدون إطفاء نار الغضب المتوقد في أعماقهم من هموم الديون، ومن إحراج أصحاب الحقوق، كمن يردد دائمًا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”! وهؤلاء ينسون في زحمة الضغوط والهموم التي أحاطت بهم من كل جانب أن القرآن الكريم قد حدد للبشرية كلها سبل النجاة من شقاوة الدنيا والآخرة، والمرء المسلم بإمكانه التخلّص من كثير من المشكلات ونتائجها بلجوئه إلى كتاب ربه قراءة وفهمًا وتطبيقًا، وقد يظن البعض أن مجرد التلاوة والتغنّي بالقرآن كما يفهمه العامة من الناس يكفي لحل المشكلات، لكن الحقيقة أن القرآن لا يعطي روّاده ثمراته إلاّ لمن طبّقه أو على الأقل حاول التطبيق قدر إمكاناته، حيث لا يكلف الله نفسًا إلاّ وسعها، ومن أبسط القواعد التي يمكن للفرد المسلم الحريص على استثمار علاقته بكتاب ربه أن تكون حياته مبنية على مبدأ: ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين، والقاعدة الأخرى: إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين، والقاعدة الثالثة : ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك، ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملومًا محسورًا. ولعلنا من خلال الأسطر السابقة نصل إلى الهدف من هذه المقالة، فالقضية التي نعيشها في بيوتنا وجميع أوجه حياتنا الاجتماعية من الناحية المالية هي الإسراف وعدم الاقتصاد المتوازن في المصروفات، ولذلك فإن الرجال مطالبون بالمحافظة على دورهم القيادي الذي يضع النقاط على الحروف، وليقوموا بدور التوازن الصحيح الذي ينتج عنه التوازن في كل مجالات الحياة ومن بينها مد الرجلين على قد اللحاف..! [email protected]