جاء عيد الفطر المبارك لهذا العام، ونحن نعيش واقعًا ليس كسابقه، بأيامه وساعاته وكل لحظاته، أضحت الدنيا بطيئة في روتينها وأحداثها، تحس كأن الدهر تقلب كعادته، فأصبحنا نعيش فيها بمعزل عن بعضنا إلا لأشد الضرورة، فجاء هذا العيد مختلفًا كليًا عن الأعوام السابقة، اختلطت فيه مشاعر البسمات والفرح بالدموع، والتهنئة بالمراسلة بعد أن عزت المقابلة، في عزلة تامة بين الجدران المسلحة، فلا نرى الشمس إلا قليلًا، ولا نستنشق الهواء إلا من خلال الكمامات. هذا الظرف أعاد لنا ذكريات بيت من الشعر للمعتمد بن عباد مع تغيير طفيف واختلاف الحال إذ يقول: فيما مضى كنت بالأعياد مسرورًا فساءك العيد في (منزلك) مأسورًا أقبل عيد هذا العام والذي ننتظره بفارغ الصبر، ونحن متباعدون، وكأننا في غربة موحشة، في واقع اختلطت فيه الأوراق، وتغيرت فيه أنماط الحياة وكأنها أصبحت قفراً بعد بهجتها وذلك بسبب؛ فيروس كورونا فاختفت فيه أغلب مظاهر الحياة الاجتماعية؛ حلوى العيد، فرحة الأطفال، الملابس الجديدة، حركة الناس في الشوارع والأحياء. اشتقنا فيه للذكريات والعادات السابقة، والعودة لمواقعنا ومزاولة أدوارنا الطبيعية في الحياة بدون تعقيد أو خوف أو قيود لنكمل المشوار. فصدق المتنبي حين قال: عيد بأية حال قد عدت ياعيد بما مضى أم بأمر فيك تجديد لكن ونحن نعيش في هذا الوطن المعطاء، وفِي ظل قيادة حكيمة تحسن التصرف ندرك أنه ستنقشع هذه الغمة، بإذن الله، وتجعلنا ننظر للمستقبل بنظرة تفاؤل، وغد مشرق وابتسامة حب؛ يملؤها الأمل والأماني، وكل عام وأنتم بخير.