التصعيد الذي يشهده قطاع غزة ليس جيداً لرئيس السلطة محمود عباس، هذا الشخص الذي تعتمد كل سيرته السياسية على إيقاف الانتفاضة العسكرية واستبدالها بالمفاوضات السياسية. لم يكن أبو مازن أبداً زعيماً ذا كاريزما، والآن فإن مكانته الضعيفة أصلاً تتلقى الضربات من إسرائيل أيضاً. ربما آن الأوان لأن يتوقف الناطقون الإسرائيليون عن تكرار ضرورة تعزيز قوة أبو مازن. ربما كان ذلك مجدياً قبل وصول حماس إلى الحكم، ولكن النتيجة اليوم باتت معكوسة. في كل مرة يعلنون فيها عن القيام بشيء ما من أجل تعزيز أبو مازن يتسبب الأمر بإضعافه في آخر المطاف. هو يظهر في نظر الجمهور الفلسطيني كدمية بيد إسرائيل والأطراف الدولية الأخرى التي تتلاعب به يستخدمونه كهراوة تشهر في وجه حماس. إن أرادوا عززوا قوته وإن رغبوا أضعفوها. الأمثلة على ذلك وفيرة. اللقاء الذي جرى مثلاً مع إيهود أولمرت في مدينة البتراء الأردنية، ألحق ضرراً كبيراً بالرئيس الفلسطيني. لم يتحدثوا في أي مكان في الضفة وغزة عن أن أبو مازن قد تلقي معاملة محترمة في البتراء. تحدثوا فقط عنه أنه حقر نفسه عندما ظهر إلى جانب أولمرت في الوقت الذي يُقتل فيه الأطفال في غزة. وفي آخر المطاف لم يكن في البتراء أي شيء باستثناء محادثة فارغة. لماذا وافق أبو مازن عموماً على السفر إلى هناك- هكذا سألوا في وسائل الإعلام العربية. الذروة كانت طبعاً عندما أعلن أولمرت خلال زيارته للندن أنه قد قرر السماح بإدخال السلاح إلى أتباع أبو مازن رغم الوضع الأمني المتردي. السلاح المقصود هو سلاح خفيف من الأردن. كل هذا من أجل تعزيز قوة أبو مازن وقوة أتباعه في صراعاتهم. الناطقون بلسان حماس سارعوا بالقول إنه من المخجل أن يحصل أبو مازن على سلاح مصحوب بضرب الأشقاء في حماس. قبل سنوات عندما تشكلت السلطة الفلسطينية سمحت إسرائيل بتسليح كل أجهزة الأمن التابعة لقيادة عرفات. لم يحتج أحد على ذلك في الضفة وغزة. هذا كان أمراً مفهوماً باعتباره جزءاً من اتفاق أوسلو الذي حظي بالقبول في المناطق الفلسطينية. الآن تغير الوضع. أبو مازن نجح في الانتخابات الرئاسية إلا انه مني مع حزب حركة فتح بهزيمة نكراء في الانتخابات البرلمانية. بينه وبين حكومة حماس تجري نقاشات سياسية وصراعات قوة. الشعب الفلسطيني صوت لحماس وفي كل مرة تتحدث فيها إسرائيل والأسرة الدولية عن الحاجة لتعزيز قوة أبو مازن يفسرون ذلك في الشارع الفلسطيني على أنه محاولة لتغيير الحسم الديمقراطي بالقوة. المسألة تزداد حدة عند الحديث عن السلاح. أبو مازن الذي يحصل على السلاح بواسطة إسرائيل يظهر في صورة المتعاون العميل. من الذي حصل على السلاح من إسرائيل في السابق؟ جيش جنوبلبنان بقيادة سعد حداد وأنطوان لحد اللذان يعتبران عملاء في لبنان والعالم العربي.