يعيش فريق الهلال أوضاعاً فنية صعبة. أدخلته في أزمة منذ أكثر من شهرين. وكلما تطلعت الجماهير الهلالية لتحسن الأوضاع وتجاوز الأزمة تعقدت الأمور وتعمقت الأزمة. وازدادت الحلول صعوبة. إدارة النادي بقيادة فهد بن نافل قادت الفريق الكروي العام الماضي لاعتلاء قمة القارة الآسيوية وتحقيق واحدٍ من أكبر وأهم إنجازات النادي في تاريخه بفوزه ببطولة آسيا ثم المشاركة في كأس العالم وتحقيق ثلاثية غير مسبوقة. ولكن نفس الإدارة تقود الفريق اليوم لواحد من أصعب وأسوأ أوضاعه وأكثرها تدهوراً. ففي فترة التسجيل الصيفية الماضية تخلت الإدارة عن البرازيلي إدواردو محبوب الجماهير الزرقاء وجلبت على وجه السرعة الأرجنتيني لوسيانو فييتو، وفقد الهلال برحيل (السوبر) واحداً من أهم عناصره خلال السنوات الخمس الماضية، ولم يستطع البديل الأرجنتيني ملء الفراغ أو تقديم الإضافة المأمولة، بل على العكس كان في كثير من المباريات عبئاً على الفريق ومعطلاً لألعابه الهجومية. وزاد على ذلك أن الإدارة لم تستطع إيجاد حل لمشكلة السوري عمر خربين إلا بالتخلي عنه مجاناً تخلصًا من عبء وجوده وعبء رواتبه!! وأيضاً عجزت الإدارة عن إيجاد البديل المناسب. وهكذا خسر الهلال عنصرين أجنبيين مهمين دون توفير البديل. الذي يضيف للفريق ويعوض غياب عناصر كانت مهمة في مسيرته. ومنذ انطلاقة الموسم الحالي هبط مستوى بعض اللاعبين وفي مقدمتهم هداف الفريق بافيتمبي قوميز فتعطلت لغة التهديف لدى الفريق. وأصبح يدخل مبارياته بهجوم أعمى لا يرى الشباك ولا يعرف للمرمى طريقاً. وعرف الجميع علة الفريق عدا مدرب الفريق وإدارة النادي. وكان جميع الهلاليين يعتقدون أن بمجرد فتح فترة التسجيل الشتوية ستبادر الإدارة بتقديم أوراق المهاجم الجديد للجنة الاحتراف ليمثل الفريق في أول مباراة.!! ولكن الصدمة حدثت بأن الأسبوع الأول من فترة التسجيل مضى دون أي تحرك. ومر الأسبوع الثاني، وانتهى الأسبوع الثالث والفريق يتدهور والإدارة في حالة صمت غريبة. وخرج الفريق من مسابقة كأس الملك، وخسر السوبر، وفقد صدارة الدوري، وتلقى الهزائم، وأوشكت فترة التسجيل على الختام والإدارة في حالة صمت، وليس كل صمت حكمة!! كانت المشكلة صغيرة في البداية وحلها سهل وميسور ويتمثل في جلب مهاجم هداف فقط. ولكن هذه المشكلة البسيطة التي لم يتم التصدي لها من البداية صارت مثل كرة الثلج تكبر يوماً بعد يوم. حتى كبلت الفريق الذي كان في البداية لا يفوز إلا بصعوبة، ثم أضحت مشكلته التعادلات، لتصبح اليوم الخسائر والهزائم المؤلمة لجماهيره. لقد كانت المشكلة في مركز لاعب واحدٍ فقط وأصبحت في أكثر من مركز. وكانت فنية فقط وتعاظمت لتكون نفسية أيضاً. وامتدت لتشمل الجهاز الفني. الذي كان يتمتع بثقة كل الهلاليين ولكن البوم أصبح رحيله مطلباً جماهيرياً. وكانت الإدارة في غنى عن كل ذلك لو أنها تعاملت مع الأزمة في حينها ومنذ نشوئها. ولم تتركها تكبر إلى درجة أن يكون الحل مكلفاً وباهظاً. فالإدارة الواعية تستشعر الخطر من بدايته، وتدرك مآلات التسويف وترك الخطأ الصغير يكبر ويتعاظم. وقد كان الخطر واضحاً والخلل إذا كان رئيس مجلس الإدارة فهد بن نافل مستجداً على الساحة الرياضية وعلى الإدارة الرياضية، فيوجد إلى جانبه أعضاء يملكون الخبرة والتجربة أمثال المفرج وكريري. ولكن يبدو أنهم آثروا الصمت لأسباب غير معروفة، لذلك هم لا يستحقون المواقع التي يتبؤونها الآن. أو أنهم تحدثوا ونصحوا ولم يسمع لهم. لذلك من الواجب الأدبي عليهم أن يغادروا مواقعهم لأنها بلا فاعلية. اليوم لم يعد كافياً استبدال قوميز، أو إحضار مهاجم مساند له. بل الحل يتطلب عملاً أكبر من ذلك. وهو معالجة أوضاع اللاعبين النفسية، والضغوط التي أصبحت تسيطر عليهم وتكبلهم في المباريات. ومعالجة وضع الجهاز الفني. فالتأخر في وضع الحلول المبكرة جعل تكلفة الحلول المتأخرة باهظة. وبات لزامًا على رئيس مجلس الإدارة تغيير مستشاريه الفنيين. الذين ثبت فشلهم وبان عجزهم عن تقديم النصح السليم في التوقيت الصحيح. لا أحد ينكر ما قدمته إدارة ابن نافل ولا ما صنعته من إنجازات هائلة، ولكنها اليوم تقوده بنفس المقدار ولكن في الاتجاه المعاكس وإلى الهاوية. ولن تفقد الجماهير الهلالية الأمل فلا زال هناك متسع من الوقت للعمل والإصلاح والتحسين والتطوير. ورغم التكاليف الباهظة التي تم دفعها بسبب سوء التدابير الإدارية، وضعف استشعار الخطر. بالخروج من بطولة كأس الملك وخسارة السوبر وفقد صدارة الدوري، إلا أن العمل المقبل إذا كان جادًا وحصيفاً وعاجلاً ستكون نتائجه إيجابية وآثارة واضحة. وهذا ما يأمله الجمهور الهلالي ويتطلع إليه. فالمطلوب مجموعة من الإجراءات التي لا تعيد الفريق لدائرة المنافسة من جديد ولكن تعيد له سمعته وتحفظ له شخصيته وهيبته التي ضاعت.