يطالب سكان منطقة الجوف بسرعة تنفيذ الطريق الرابط للمنطقة بالمحافظات التابعة لمنطقة الحدود الشمالية، وذلك في ظلِّ دواع اقتصاديَّة واجتماعيَّة وتنموية. ويقول السكان: إنّه بعيدًا عن الأحلام والأماني الوردية التي توصف بأنها من قُبيل المستحيل، فإنَّ حلم نسبة كبيرة من أهالي منطقة الجوف، ومحافظة طريف في إقامة طريق يصل بينهم؛ لهو حلم يحمل الكثير من الواقعية والمنطقية والإيجابيَّة. خاصة إذا ما أدركنا كم هي الحوافز والدوافع والفوائد التي تدعو بشكل جدي للتفكير بالإسراع في تنفيذ هذا المشروع الخدمي الكبير لأبناء المنطقة بشكل خاص، ولأبناء المملكة بشكل عام. ووفق أحاديث الأهالي فإنّه بالرغم من البشائر حول تنفيذ هذا الطريق إلا أن وتيرة الطلب قد ازدادت على سرعة تنفيذ هذا المشروع الحيوي بعد أن أوقفت الخطوط السعوديَّة الرحلات الجويَّة بين سكاكا وطريف، التي كانت تقدم خدمة كبيرة للأهالي هنا وهناك. ويدعم الأهالي المطالب بالإشارة إلى أن منطقة الجوف وما تحويه فضلاً عمَّا تترقبه من مشروعات تعليميَّة واقتصاديَّة هائلة تعتبر المقصد الأول، لأبناء محافظة طريف هذا يزيد من أهمية هذا المشروع بلا شكَّ كخدمة منشودة من صناع القرار والمسؤولين لأهالي محافظة طريف كدعم حكومي لهم كمواطنين يفتقدون لبعض المقدرات الحكوميَّة المهمة. في المقابل فإنَّ تدشين مدينة وعد الشمال الصناعيَّة الهائلة في محافظة طريف وما تكتنزه من فرص وظيفية وخدميَّة وتجاريَّة وتعليميَّة ستكون بلا شكَّ محط أنظار أبناء وبنات منطقة الجوف. الأهالي يتحدَّثون عن هذا المشروع يرى المواطن محمد الرويلي أبوحمزة أن الخدمات الصحيَّة التي تحظى بها منطقة الجوف، بالرغم من أن البعض يشتكي من عدم تكاملها وتكافئها مع المناطق الأخرى في الوسط أو في شرق المملكة وغربها؛ إلا أنها تعتبر من أفضل الخدمات في المنطقة الشمالية، وهي التي توّجت بمستشفى تخصصي يخدم منطقة الجوف والمناطق الشماليَّة المجاورة، الأمر الذي يفتقده أهالي محافظة طريف حيث يفتقدون للعديد من المؤسسات الصحيَّة التخصصية الضرورية، ويأتي في مقدمتها مراكز التأهيل والقلب والصحة النفسية ورعاية المسنين، وكلها تعتبر حوائج ضرورية مفتقدة، كما أن البعد السحيق عن أقرب هذه الخدمات يزيد المشكلة تعقيدًا بالنسبة للأهالي، ولا ننسى المدينة الطّبية لمناطق الشمال التي انشئت في منطقة الجوف لخدمة أبناء الشمال فإنَّ هذا الطريق سيختصر المسافة إليها. كما أن في مشروع الطريق اختصارًا واختزالاً كبيرين لهذه المشكلة المزمنة في معظم مناطق المملكة النائية. وقال: إنه بلا شكَّ أن اعتبار هذا العامل يعد إيجابيًّا حتَّى لمنطقة الجوف من ناحية زيادة الاهتمام في الخدمات الصحيَّة لتغطية كافة المناطق الشماليَّة المجاورة، لتخفيف الضغط على مناطق الوسط والمستشفيات الكبيرة التي تعاني زحامًا رهيبًا في المواعيد والأسرة الشاغرة. من جهته قال الأستاذ نايف المحيسن يصف بعض المصاعب التي يواجهها: أنا مدرس في مدينة طريف، وقد نشأت هنا، ولكني أزور الجوف بشكل منتظم لأن معظم أقربائي هناك، خاصة أن أنسابي انتقلوا مؤخرًا للجوف، والمسافة عبر الطريق التقليدي بعيدة وشاقة، وأتمنَّى حقيقة أن يُقام هذا المشروع حتَّى يختزل علينا الكثير من المسافات، وأنا واحد من ضمن المئات إن لم يكن الآلاف الذين يعانون نفس المعاناة. وحول أوضاع الطلاب الدارسين في الجوف من محافظة طريف يقول الطالب المتخرج حديثًا من جامعة الجوف ثامر ثنيان الأشجعي: لقد كنت أسافر أسبوعيًا من الجوف لطريف ومن طريف للجوف مسافة تزيد عن الثمانمائة كلم ذهابًا وإيابًا، وهي مسافة متعبة ومرهقة، خاصة أن طريق الجوفعرعر متعرج وربما لا يزال في طور الإنشاء والإصلاح. والمشكلة أن المسافة ليست بالبعيدة التي تجعلك تجلس في نهاية الأسبوع كما لو كنت في الرياض أو جدة، كما أنها ليست بالقريبة التي لا تجهدك أيضًا. وقد سألناه عن عدد الطلاب الدارسين من طريف في الجوف فقال: إن عددهم كبير، وهم في ازدياد مستمر خاصة مع افتتاح جامعة الجوف وكلياتها المتنوعة. من جهته قال الأستاذ أحمد عربي الدغمي: لقد كانت وما زالت أمنيَّة الجميع في طريف أن يكون هناك طريق مختصر بين الجوف وطريف، وأنا وغيري الكثير ممن يترددون على الجوف بشكل منتظم للتواصل العائلي وحضور المناسبات، وهو أمر شاق في الحقِّيقة، وينطوي على خطورة كون المسافة الحالية بعيدة ومرهقه للعائلات، وكم هي المناسبات التي فوتها بسبب بعد المسافة. وناشد المواطن عادل الرويلي من سكان قرية هديب في الجوف، إمارة منطقة الجوف، ووزارة النقل والجهات المعنية، بالنظر بعين المصلحة لهذا المشروع، وأضاف قائلاً: إنني أسافر بشكل أسبوعي أحيانًا لمحافظة طريف لزيارة الأقارب، كما أسافر بشكل متِّكرر للأردن من أجل العلاج، والمسافة مرهقة بشكل كبير، وطريق الجوف طريف سيختصر المسافة لنا من جميع النواحي. ويسلك بعض المواطنين الذين لهم خبرة في الصحراء بعض الطرق البريَّة، للوصول إلى طريف التي تختصر مئات الكيلو مترات لهم، كما أن البعض يقطع الطريق المحاذي لسكة القطار بين طريف والجوف، حيث عرف هذا الطريق الصحراوي ب«الردمية» ويسلكة الكثير من المواطنين. وزارة النقل: طوله 138 كيلومترًا وضمن الطرق المقترحة «الجزيرة» توجهت بمطالبات المواطنين إلى وزارة النقل، حيث أوضح مدير عام الطرق والنقل بمنطقة الحدود الشماليَّة المهندس مطلق الأسمر الشراري في تصريح خاص ل»الجزيرة» أن طريق طريف دومة الجندل الجزء الواقع بمنطقة الحدود الشماليَّة بطول (92كم) مصمم ومطلوب اعتماد تنفيذه في ميزانية العام المقبل، كما أن تقاطع طريق طريف دومة الجندل مع الطريق الرئيس طريف عرعر رقم (85) معتمد دراسة وتصميمًا ومدرجًا ضمن أولويات التنفيذ في ميزانية العام المقبل. من جانبه أوضح مدير عام الطرق والنقل بمنطقة الجوف المهندس ماجد فهد الشمري ل»الجزيرة» أن طريق طريف دومة الجندل الجزء الواقع بمنطقة الجوف بطول (138كم) من ضمن الطرق المقترح طلبها في ميزانية وزارة النقل بمنطقة الجوف للعام المالي 1436 - 1437ه ويحظى بالأولوية الأولى على مستوى منطقة الجوف في بيان الطرق الرئيسة التي تَمَّ رفعها بموجب خطاب صاحب السمو الملكي أمير منطقة الجوف -حفظه الله- والموجه لمعالي وزير النقل. وبيَّن الشمري أن هذا الطريق يحظى باهتمام بالغ من سمو أمير المنطقة كغيره من المشروعات المهمة، مؤكِّدًا حرص معالي وزير النقل على تنفيذ مشروعات الوزارة وربط مناطق ومحافظات المنطقة ببعضها للتيسير على المواطنين، حسب توجيهات ولاة الأمر -حفظهم الله-. ومن المعلوم أن معظم أهالي مدينة طريف من بادية وحاضرة هم امتداد طبيعي لأهل الجوف، ويرتبط أهالي طريف مع أهل الجوف بروابط القُرْبَى والنسب والمصاهرة، ولا يستغني أهالي محافظة طريف أبدًا عن منطقة الجوف في نواحٍ حياتية كثيرة. حيث التواصل مستمر بين المنطقتين، ويزداد زخمًا هذا التواصل في الأعياد والمناسبات والعطل الرسمية، هذا عدا عدد كبير من الطلاب والطالبات المنتمين إلى محافظة طريف ممن يواصلون دراستهم الجامعية في منطقة الجوف، في ظلِّ شح المرافق التعليميَّة في محافظة طريف. كما أن مدينة طريف من الناحية الجغرافية، هي امتداد طبيعي لمنطقة الجوف وحدودها الشماليَّة الغربية، ولا يفصل بين المنطقتين إلا حرة الحرة وسهل الحماد الفسيح. ولم يكن من المستغرب عند أهالي محافظة طريف في الماضي القريب أن يشاهدوا دوريات إمارة منطقة الجوف تجوب الحرة على بعد عشرة أو عشرين كلم مربع من محافظة طريف في أطراف محمية الحرة المتاخمة للمدينة. وهي أقرب بطبيعة الحال لمنطقة الجوف من القريات التي تتبع إمارة الجوف رسميًّا وجزء من المنطقة عبر التاريخ. مصنع إسمنت الجوف في طريف إن مشروع مصنع إسمنت الجوف الذي يقبع على بعد عشرين كلم من محافظة طريف يؤكد بشكل قاطع تلك الرابطة الجغرافية والاقتصاديَّة. ولا شكَّ أن هذا المصنع الكبير سينعكس إيجابًا على محافظة طريف والجوف معًا، كما أنّه من الأَهمِّيّة بمكان أن يرتبط بالجوف لتموينها بالإسمنت ولا يأتى هذا إلا بوجود طريق مختصر وعمودي يمر عبر الحماد أو الحرة باتجاه مدينة سكاكا. دوافع أخرى لمشروع طريق الجوف طريف إن ما ذكر أعلاه من حوافز لهذا المشروع لهو كافٍ لصناع القرار غير أننا نضيف هنا بعض الدوافع التي لا تقل أهمية عن سابقاتها، إِذْ إن طريق: (الجوفعرعر طريف) يضاعف المسافة الحقيقية (العمودية) بين الجوف وطريف لأكثر من الضعف. فهذا الطريق يجعل المسافة نحو (450كم) بين الجوف وطريف. في حين أن المسافة العمودية عبر سهل الحماد أو الحرة للمشروع الحلم قد تصبح أقل من نصف هذه المدة قطعًا؛ بنحو (200كم)، وهي مسافة تستحق التفكير من أجل إعادة النظر في أهمية هذا الطريق المختصر. ثانيًّا: إن تحقيق مشروع طريق (الجوف طريف) يمثِّل من حيث المنطق والجدوى الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة ومن حيث البنية التحتية والخدميَّة، تتويجًا مفيدًا للمشروع الحلم الذي أصبح حقيقة وهو طريق (حائلالجوف) الذي بدورة توَّج طريق (الرياضالقصيمحائل) حيث اختصر مئات الكيلو مترات بين الجوفوالرياضوحائلوالقصيم. فإذا كان طريق: (حائلالجوف) قد اختصر المسافة للمسافرين من وسط المملكة إلى الشمال وبلاد الشام؛ فإنَّ طريق: (الجوف طريف) سيكمل هذه المسيرة، ويختصر على هؤلاء المسافرين أو أهالي الجوف والمارين بها الوصول إلى منفذ الحديثة الحدودي بأقصر الطرق وأسرعها وأكثرها سلاسة وسلامة، ويسهل بشكل أساسي السفر للمواطنين وللقادمين من دول الخليج ووسط المملكة بلا شكّ. كما أنّه يخفف العبء على طريق الشمال الدولي الذي يمر عبر مدينة عرعر وكذلك العبء على طريق الحجاز الذي يمر عبر مدينة القريات وصولاً لمنفذ الحديثة الحدودي. كما أن تدشين مدينة وعد الشمال الصناعيَّة بالقرب من محافظة طريف ستُؤدِّي إلى طفر ة اقتصاديَّة هائلة في المنطقة في المنظور القريب، وهذا الطريق سيكون رافدًا لمنطقة الجوف ومنها للمزيد من التواصل، والتبادل التجاري واللوجستي بين الجوف وطريف، وكلا المنطقتين سيستفيد من هذا الطريق في تعزيز أوجه التعاون الثقافي والصناعي والخدمي بشكل كبير، لاسيما إن أخذنا بالاعتبار تسهيل الوصول من وإلى حائلوالقصيم والعاصمة الرياض، بربط هذا المشروع الحلم بطريق الجوفحائل.