احتفل السودانيون في الجنوب بمرور سنة عن انفصالهم عن جمهورية السودان، الاحتفال جسد سريالية غريبة لا تحصل إلا في الدول النامية ولا نقول المتخلفة. فجنوب السودان الذي يحتفل بالانفصال خلق العديد من الأوضاع المأسوية التي تستحق إقامة سرادق الحزن والتأبين وليس الاحتفالات، فالوضع الاقتصادي في جنوب السودان أكثر من سيئ بعد أن توقف تصدير النفط عبر الاشتباكات العسكرية بينه وبين شمال السودان وتفاقمت الخلافات السياسية التي حرمت الطرفين من الاستفادة من النفط الذي توقف تصديره ليحرمهما معاً من إيرادات التصدير التي تعد المصدر الأساسي إن لم يكن الوحيد لإيرادات البلدين؛ فكلاهما الجنوب والشمال يعتمدان اعتماداً كلياً على إيرادات النفط، إلا أن جنوب السودان بحاجة أكثر له لتردي الاقتصاد وتفشي الفوضى والفقر، كما أن الأمراض قد انتشرت أكثر من ذي قبل، إذ تفشت الأمراض المعدية وأصابت ولايات عديدة كانت قبل الانفصال تحظى بقدر ما من التغطية الصحية. ويهدد جنوب السودان وضع مأسوي خطير بعد معلومات عن تعرضه للجفاف في الأشهر المقبلة، وتقلص حجم المساعدات الأجنبية، وفي ظل انهماك الإدارة السياسية للدولة الحديثة بالمشاكل السياسية مع الشمال ودعمها للحركات المعارضة للخرطوم مما عرضها إلى اشتباكات عسكرية، فإن المتوفر من أموال سوف تصرف على تمويل الأعمال العسكرية، وهو ما فجر خلافات سياسية بين الجماعات السياسية في الجنوب التي جمعتها مظلة الانفصال وفرقتها دولة الاستقلال. فالفريق السياسي الذي يقوده سلفاكير ويتخذ مواقف متشددة ضد الشمال يواجه بمعارضة من فريق سياسي جنوبي آخر وهو ما توافقهم عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية، إذ يرى المعارضون وأمريكا معهم أن على الجنوب وسلفاكير أن يعالج خلافاته مع الخرطوم وأن لا يؤجج هذه الخلافات بدعمه للجماعات المعارضة للبشير لأن ذلك سيعرقل حل المشاكل بين الشمال والجنوب، وخاصة قضيتا الحدود والنفط اللتان لا تزالان بدون حل رغم مرور عام على الانفصال. وقال برينستون المبعوث الأمريكي الخاص لشمال وجنوب السودان إن البلدين يلعبان لعبة مميتة لكليهما. وأكد ليمان متفقاً مع المعارضة في الشمال والجنوب معاً أن كل طرف يعتقد أن الآخر أكثر ضعفاً.. لكن هذا الأسلوب خطير للغاية إذ إنه شكل من أشكال النهج الانتحاري الاقتصادي. وقال ليمان إن على جنوب السودان أن يتصدى على الفور لأحد أكبر تحدياته من خلال مواجهة أزمته الاقتصادية الحالية، لأنه بدون عائدات نفطية سيتأخر تنفيذ الكثير من المشروعات الإنمائية. [email protected]