تناقلت الصحف المحلية ما صدر عن المجلس الأعلى للقضاء في اجتماعه الثالث عشر من قرارات من بينها إقرار المجلس للبرنامج التدريبي لقضاة التنفيذ في المحاكم المعينين حديثاً، والذي يهدف إلى التعريف باختصاص قاضي التنفيذ وما يميزه عن غيره من قضاة الموضوع، والتعريف بالإجراءات التنفيذية وعلاقتها بالجهات الحكومية المختلفة، وعلاقة قاضي التنفيذ بالقضاة الآخرين، واختصاصه الولائي والمكاني، وآليات التنفيذ كالبدء بالإجراءات، وكيفية التنفيذ على أموال المدين والتنفيذ في أحكام الأحوال الشخصية، والبيع بالمزاد العلني لأموال المحكوم ضده مع ما يتضمن ذلك من سلطة وقواعد وترتيبات، والتهميش على الصكوك، والتعامل مع العقار محل التنفيذ عندما يكون مرهوناً أو موقوفاً أو موصى به، كما تضمن البرنامج التدريبي معوقات التنفيذ وسبل معالجتها. المعروف أن السلطة القضائية تتكون من قضاء الموضوع وهي المحاكم بشتى أنواعها، يسبقها قضاء الاتهام في المسائل الجنائية، وهي النيابة العامة أو ما يُعرف في بلدنا بهيئة التحقيق والادعاء العام، ويليها قضاء التنفيذ حيث يقوم بتنفيذ ما يصدر من قضاء الموضوع من أحكام اكتسبت الحجة القطعية، ولعل من الجدير بالذكر أن قضاء التنفيذ كان من بين توصيات دراسة البيئة العدلية ودراسة البيئة التشريعية والقضائية التي قدّمها منتدى الرياض الاقتصادي. تنفيذ الأحكام يحتاج إلى مهارات خاصة تتعلق بالتعرف على حدود سلطة قاضي التنفيذ وعلاقته بالسلطة القضائية والسلطة التنفيذية وبالمتقاضين وعليه فإن إقرار برنامج تدريبي لقضاة التنفيذ من قبل المجلس الأعلى يُعد مبادرة ضرورية للبدء بقضاء التنفيذ على أسس واضحة ومفهومة للقضاة أنفسهم من حيث سلطتهم القانونية ومدى سلطتهم التقديرية، مما يساعدهم على النجاح في سرعة تنفيذ الأحكام، التي عانت الكثير إلى درجة أنها كانت ندبة في جبين الأحكام القضائية، حيث يستغرق زمن تنفيذ الأحكام النهائية، إن نُفذت في بعض الأحيان زمناً أطول من زمن التقاضي، مما أفقد الأحكام القضائية قوتها وحجتها بسبب التراخي المتعمّد أحياناً في تنفيذها من قِبل الأجهزة الإدارية. ما يحتاجه قاضي التنفيذ لأداء واجبه على أكمل وجه أن يصدر من المجلس الأعلى للقضاء قرار تنفيذي ملزم لكل أجهزة الدولة والقطاع الخاص ذوي العلاقة بما سينفذ عليه من عقار أو منقول يتضمَّن سلطة قاضي التنفيذ بأن يأمر بحجز أي ممتلكات للمحكوم عليه وبيعه جبراً وبالمزاد العلني سداداً للديْن المحكوم به إذا لم ينفذ الحكم القضائي طواعية، مع اعتبار البيع بأمر قاضي التنفيذ بيعاً منتجاً لآثاره القانونية وكأنما قد صدر من مالكه، مع إلزام كافة الجهات الحكومية بما في ذلك كُتّاب العدل في كتابة العدل الأولى بإنفاذ ذلك البيع ونقل ملكية المباع إلى المشتري دون حاجة إلى موافقة المالك ودون الالتفات إلى معارضة المالك ما لم يكن محل البيع مما يُعد من الأشياء الضرورية لحياة المالك. وكذلك إلزام كافة المؤسسات الأهلية كالبنوك مثلاً بأمر من قاضي التنفيذ بحجز أموال المدين وتسليم ما يفي منها للديْن المحكوم به إلى المحكوم له. بالإضافة إلى ما تقدم فإن لقاضي التنفيذ أن يأمر بحبس المحكوم عليه كإجراء تحفظي وكوسيلة ضغط لإجباره على تنفيذ الحكم الصادر ضده، وإذا كان المحكوم ضده شخصية اعتبارية جاز لقاضي التنفيذ أن يصدر قراراً بحبس المدير التنفيذي، كما له سلطة الحجز على تركة المدين والتنفيذ عليها إذا لم يقم ورثة المدين المُتوفى بتنفيذ الحكم طواعية، ولقاضي التنفيذ أن يعيِّن حارساً قضائياً على أموال المدين إن تطلَّب تنفيذ الحكم ذلك. إن صلاحيات محاكم التنفيذ أو قضاء التنفيذ تختلف من دولة إلى أخرى لكنها مجمّعة على الحد الأدنى المذكور أعلاه، مما يتطلب معه الأمر أن يصدر المجلس الأعلى للقضاء دليل إجراءات قاضي التنفيذ ليمارس قاضي التنفيذ واجباته وصلاحياته ضمن نطاق هذا الدليل دون إفراط أو تفريط، ولديه في مكتبه مساعدون قضائيون وإداريون يتولون الرصد والمتابعة متمرسون في أعمال البيع بالمزاد العلني وتتبع أحوال المدين الثابتة والمنقولة لدى كتابات العدل والوزارات والهيئات المختلفة ولدى البنوك.