إطلاق 2270 كائنا في 33 محمية ومتنزها    «بيئة الشرقية».. إنجازات نوعية وخدمات بيطرية شاملة    ارتفاع مفاجئ لأسعار الليمون المستورد.. ونزول تدريجي للبصل    أدوية القلق تغير سلوكيات السلمون    Meta متهمة باستغلال المراهقين    الحيوانات الأليفة تنافس الزواج والمال    موسم الهلال مع جيسوس في خطر    فريق النهضة للكاراتيه تحت 12 عامًا يتأهل للدوري الممتاز    «الآسيوي» يؤكد التزامه بدعم الاتحادات    مبادرات إنسانية تصنع الفرح وتسعد القلوب    "تراثية المذنب".. فعاليات وأنشطة اجتماعية    مهرجان أبوظبي يقدّم عازف البيانو الموهوب يونشان ليم لأول مرة في العالم العربي    في محبة خالد الفيصل الصالات تشرح مجالس الرجال    فيضان البيانات وفقر الخيال    في ظلال مطاع صفدي والفلسفة الأخيرة    قرنية أمريكي تعيد النظر لسعودي وسورية    نغيث حتى الفكر    أمانة الرياض تنفّذ أعمالاً نوعية في شبكات السيول    المملكة توزّع 416 سلة غذائية في مديرية المنصورة بمحافظة عدن    3 حيل لغسل الأموال في سوق العقار    السعودية تتصدر الخليج في مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي    9% النمو السنوي بالوظائف اللوجستية    أمير تبوك يستقبل مستشار السلامة المرورية    بيولي: نحلم بلقب الدوري    محمد بن ناصر يرعى حفل جائزة جازان للتفوق والإبداع    إمام المسجد النبوي: تذكُّر الآخرة يُثبّت المرء على الطاعة    الزواج الآمن    برشلونة يعزز صدارته للدوري بالفوز على ليغانيس    ثنائية رونالدو تهدي النصر الفوز على الرياض    الشاهد الكاذب    جامعة حائل تطلق حملة شاملة حول السمنة    العالمي يقترب من الوصافة    ضبط إثيوبي في جازان لترويجه (8) كجم "حشيش"    سعود بن نهار يطلق ملتقى الورد والنباتات العطرية في نسخته الأولى    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    جامعة الملك خالد تستعرض ابتكاراتها في المعرض الدولي للتعليم EDGEx    طريف الأدنى في درجات الحرارة    "الحياة الفطرية" تؤكد: جراء الذئاب الرهيبة المعلن عن ولادتها مجرد ذئاب رمادية معدلة وراثيًا    رئيس مصر يؤكد ضرورة بدء إعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير سكانه    حج 1446 الأخير في فصل الصيف لمدة 16 عاما    الصحة تدعو للمشاركة في أكبر فعالية مشي تُقام بالمملكة    الجابون تشهد اليوم أول انتخابات رئاسية بعد اعتماد الدستور الجديد للبلاد    خليفة جيسوس.. انتظار انزاغي وموافقة رازفان    فريق صُنّاع التميز التطوعي ينفذ مبادرة "عساكم من عوّادة" بالتعاون مع جمعية الإعاقة السمعية في جازان    ترامب: لا يمكن لإيران أن تمتلك أسلحة نووية    مشامر الجلوات السبع صناعة هندية وطقوس سعودية    شركة "لسان الميزان – محامون ومستشارون" تستقبل الدكتور محمد بادغيش في جازان    أمين منطقة القصيم يلتقي مدير مكتب جمعية الوداد الخيرية بالمنطقة    مشروع الأمير محمد بن سلمان يُجدّد مسجداً عمره 13 قرنًا    الحياة الفطرية تُطلق 25 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    90 دولة تشارك بمهرجان الثقافات والشعوب    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    الصين تنفي إرسال جنود للمشاركة في الحرب بأوكرانيا    الاحتلال يقتحم نابلس موسعا عدوانه بالضفة الغربية    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    الحسد    سطوة المترهلين في الإدارة    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«باسيج» ... الحديث عن الآخر في لغة السينما
نشر في الحياة يوم 15 - 01 - 2010

حمل تساؤلاته وتوجه إليهم. تجاوبوا معه «إطرح أسئلتك وكن مرتاحاً». هو مخرج إيراني، وهم «الباسيج» متطوعو حماية الثورة الإسلامية. لما هذا الفيلم؟
يثير شريط «باسيج» لمهران تمدني تساؤلات عدة، وتتضارب إزاءه المشاعر والمواقف، ثمة ارتباك، نبذ، حذر، إعجاب... أهو حقاً «سلاح ذو حدين» كما وصفه البعض؟ حين تجيء بفكرة مسبقة ورفض مسبق هو كذلك.
غادر مهران تمدني بلده بعد تجاوزه العاشرة، عاش في فرنسا ودرس فيها الهندسة المعمارية، سنة 2000 عاد إلى إيران ومكث فيها أربع سنوات، وحقق شريطاً وثائقياً عن «بهشت زهرة» أم الشهداء المقبرة الشهيرة قرب العاصمة. جاءته فكرة عمله الثاني في طهران حيث كان يخالط، على وجه الخصوص، الأوساط الأدبية والفنية. الأوساط التي تتبنى الآراء ذاتها: «نعيش في ما بيننا، نلتقي ونتداول في ما نتفق عليه ونتحدث عن إيران من دون أن نعرف إيران». وجد أن التحدث عما يعرفه من بلده أمر سهل، فأراد معرفة الوجه الآخر وإظهاره، هذا البعيد عن أحياء شمال طهران. هنا تكمن الصعوبة، الحديث عن الآخر «المجهول». في البداية أراد تمدني إعطاء أبعاد إناسية وسوسيولوجية لشريطه، بيد أنه شيئاً فشيئاً ومع تقدم العمل تغلب السياسي على الإناسي.
«تحادثت معهم محاولاً فهمهم»، يقول تمدني في لقاء مع الجمهور الفرنسي بعد عرض فيلمه في المسابقة الرسمية لمهرجان نانت للقارات الثلاث. يؤكد على صدقه، أن فيلمه ليس للغرب: «لا أريد تقديم حساب لأحد، أنا صادق، والهدف من فيلمي تقليل المسافات بين الفريقين». هذا ما يمكن أن نطلق عليه الوحدة الوطنية. فهل فعل؟
ثمة مفاهيم أراد المخرج بحثها مع محاوريه، الدفاع المقدس (الحرب)، الشهادة، عاشوراء، لقد رغب التعبير عن حيرة الجيل الجديد أمام التراث وكل ما يجرى، «نعيش في مجتمعين وثمة جدار بيننا».
لولا التكرار لاختفى الشعار
يبدأ الفيلم بزيارة المخرج برفقة عضو من «الباسدران» لمواقع حربية على الحدود مع العراق في يوم النوروز، رأس السنة الفارسية. إلى هناك يحج إيرانيون، فقد جرى إعادة تكوين للمنطقة «ليعرف الشعب ما جرى». ثمة جزء منها مخصص للشهداء، وفيه مسؤول من «الباسيج» يجيب عن أسئلة الزائرين ويستعيد الحرب ويحكي عن عاشوراء والمهداوية والإمامة ومحاربة الغزو الثقافي ويشيد بمواقف الأسد (الأب) والقذافي خلال الحرب. أسئلة المخرج كانت من نوع مغاير: «لم هذا التكرار؟ لم تكرار الشعارات؟»، الإجابة كانت بسيطة: «لولا هذا التكرار لاختفى الشعار» مع استدراك «ربما يجب تطوير استخدامها في شكل أفضل». يسألهم أيضاً «لم هذا الترديد لشعار الموت لأميركا وإسرائيل؟». الجواب جاهز: «هؤلاء لا ينامون. يعملون ضد ما هو بديهي ويقومون بالحرب ضدنا ليلاً ونهاراً». يدين المتحدث مع بعض الزائرين الغزو الثقافي المتجلي في زينة الشباب والفضائيات والأفلام والمخدرات وانحسار الإيمان: «لم يعد هناك جيل متفان وورع ومستعد للتضحية. انظروا ما يحدث في شمال طهران «الشيك». من دون الحرب كانت الثورة انحرفت».
تنتقل العدسة إلى داخل أحياء طهران للتعرف على مهمة الباسيج هناك، يستعرضها شاب رئيس شعبة «معرفة الصالح من الطالح من الناس»، ونشاطات ثقافية من إهداء لأسطوانات دينية وكتب إلى الدروس في المسجد، كما إحياء لأعياد تقليدية كميلاد الأولياء، وابتكار أخرى جديدة «عيد للنووي»! ومساعدة الشرطة في التعرف الى المجرمين. أما دورهم في قمع حركة الطلاب عام 1999، فله مبرراته: «لم نكن الوحيدين. كان الشعب معنا. كانت حركة فارغة لزعزعة ثبات البلاد، لم يكن عليهم التفكير هكذا». ويضيف: «إن لإيران الشجاعة في الدفاع والهجوم». لا يتورع المخرج عن المواجهة: «لماذا تتحكمون بنا؟»، وطرح الأسئلة المحرجة عن الحجاب والنظر في عين المرأة، عن هذه الدولة التي تدافع عن المظلومين في العالم ولا تسمح بنقابة للعمال، عن دور الدفاع المقدس في حياة الناس وعن عاشوراء والبكاء، ويسألهم هل ثمة طريق آخر غير الإسلام؟ غير الدين؟
مهران تمدني هو «شخص جيد» بحسب الباسيج أنفسهم. أنهى شريطه هذا قبل أحداث حزيران (يونيو) الماضي حين اتخذ تعبير الباسيج مفهوماً خاصاً في الإعلام الغربي، وهو يترك الخيار للمشاهد في استخلاص النتائج التي يراها، وكم كانت كثيرة ومتناقضة! لقد استبعد الشريط فوراً من جوائز المسابقة الرسمية. فهل كان حقاً سلاحاً ذا حدين» مع وضد؟ أكان منصة ل «الباسيج»، فرصة ليقوموا بالإعلان عن أنفسهم؟ أم أنه شريط يترك للأشياء أن تقال بصدق مبيناً «قوة الخطاب لأشخاص يظهرون على حقيقتهم كما هم، ليسوا الجناح الأسود ولكنهم أناس مخلصون لمعتقداتهم»؟ آراء نقاد ومشاهدين فرنسيين في شريط لم يكن سهل المتابعة لمشاهد غربي.
لكن العمل شديد التشويق وقد حاول فيه المخرج طرح الحقائق كما هي، وبدا مساره محفوفاً بالمخاطر وكأنه يمشي على البيض طوال الوقت. وظهر جلياً شعوره بعدم الراحة أحياناً من خلال لحظات الصمت في المحادثة التي تقصد تركها ليظهر هذا التوتر. أما هم فبدوا على راحتهم، يدركون ما يتفوهون به، ويحددون الخطوط الحمر وهي «الحديث في السياسة». ثمة شد وجذب بين الطرفين وهنا الصعوبة «غدا العمل وبسرعة لعبة شطرنج، لم أستطع القطع في التوليف»، يقول المخرج ويضيف: «كان التحدي هو إفهام الأشياء على رغم هذا، من دون إثارة نوع من الخلط أو سوء الفهم». لكن ذلك الخلط، على ما يبدو، قد حصل!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.